قَبْلَ الْحُكْمِ (الْحُكْمُ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ (فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ) بِالْحَقِّ الَّذِي كَتَبَ بِهِ (و) أَنَّهُ (أَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ) بِكِتَابِهِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ أَصْلًا لِفَرْعٍ آخَرَ
لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(وَالْمَحْكُومُ بِهِ إنْ كَانَ عَيْنًا فِي بَلَدِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُدَّعِي وَلَا حَاجَةَ إلَى كِتَابٍ) لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ فَيَقُومُ مَقَامَهُ فِي تَسْلِيمِ الْعَيْنِ كَوَلِيِّ الصَّغِيرِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَحْكُومُ بِهِ (دَيْنًا أَوْ عَيْنًا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ بَلْدَةِ الْحَاكِمِ (فَيَأْمُرُهُ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْكِتَابِ) لِيُسَلِّمَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْعَيْنَ لِرَبِّهَا أَوْ يَأْمُرُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ (وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ مُتَدَاخِلَاتٌ مَسْأَلَةُ إحْضَارِ الْخَصْمِ إذَا كَانَ غَائِبًا) بِعَمَلِ الْمَاضِي وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ (وَمَسْأَلَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ) إذَا كَانَ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ أَوْ مُسْتَتِرًا وَلَوْ بِالْبَلَدِ (وَمَسْأَلَةُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَلَوْ قِيلَ إنَّمَا يَحْكُم عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ حَاضِرًا لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً وَهِيَ تَسْلِيمُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ غَائِبًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكَاتِبَ الْحَاكِمَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ شَهَادَةِ الشُّهُودِ حَتَّى يَكُونَ الْحُكْمُ فِي بَلَدِ التَّسْلِيمِ لَكَانَ مُتَوَجِّهًا.
(وَيُقْبَلُ) كِتَابُ الْقَاضِي (فِيمَا حَكَمَ بِهِ) الْكَاتِبُ مِنْ حَقِّ إنْسَانٍ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ وَفَاؤُهُ أَوْ عَلَى غَائِبٍ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَهُ وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا بِحُكْمِهِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِب وَيَكْتُبُ إلَيْهِ أَوْ تَقُومُ الْبَيِّنَةُ عَلَى حَاضِرٍ فَهَرَبَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُ رَبُّ الْحَقِّ الْحَاكِمَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا بِحُكْمِهِ (لِيُنَفِّذَهُ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ.
(وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْقَاضِيَانِ الْكَاتِبَ وَالْمَكْتُوبَ إلَيْهِ (بِبَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ) كَانَ (كُلٌّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمَا بِبَلَدٍ وَلَوْ) كَانَ أَحَدُ الْبَلَدَيْنِ (بَعِيدًا) عَنْ الْآخَرِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَجِبُ إمْضَاؤُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (إلَّا فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبِ (لِيَحْكُمَ بِهِ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ (إلَّا فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ) لِأَنَّهُ نَقْلُ شَهَادَةٍ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَكِتَابُهُ بِالْحُكْمِ لَيْسَ هُوَ نَقْلًا وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ وَالثُّبُوتُ لَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِلْحَاكِمِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ ذَلِكَ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِهِ إذَا كَانَ يَرَى صِحَّتَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ لَوْ أَثْبَتَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ وَقْفًا لَا يَرَاهُ كَوَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَإِنْ حَكَمَ الْخِلَافَ فِي الْعَمَلِ بِالْخَطِّ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَلِحَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ أَنْ يُنَفِّذَهُ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بَلْ قَالَ ثَبَتَ هَذَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ ثُمَّ إنْ رَأَى الْحَنْبَلِيُّ الثُّبُوتَ حُكْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute