الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا الْمَسْجِدُ فَلَمْ يُسْتَحَبَّ فِيهَا ذَلِكَ كَالطَّوَافِ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ اسْتِحْبَابَهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الطَّاعَةَ لَا الْمُبَاهَاةَ، (لَكِنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَتَدْرِيسِ الْعِلْمِ وَمُنَاظَرَةِ الْفُقَهَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (أَفْضَلُ مِنْ الِاعْتِكَافِ لِتَعَدِّي نَفْعِهِ) .
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَشْهَدَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ طَاعَةٌ وَحُضُورُهُ قُرْبَةٌ، وَمُدَّتُهُ لَا تَتَطَاوَلُ فَهُوَ كَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّ السَّلَامِ.
(وَ) لَا بَأْسَ أَنْ (يُصْلِحَ بَيْنَ الْقَوْمِ وَيَعُودَ الْمَرِيضَ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَائِزِ وَيُهِنِّي وَيُعَزِّي وَيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ كُلَّ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ.
(وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ: لِلْمُعْتَكِفِ (تَرْكُ لُبْسٍ رَفِيعِ الثِّيَابِ وَالتَّلَذُّذِ بِمَا يُبَاحُ لَهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ وَ) أَنْ (لَا يَنَامَ إلَّا عَنْ غَلَبَةٍ وَلَوْ مَعَ قُرْبِ الْمَاءِ وَأَنْ لَا يَنَامَ مُضْطَجِعًا بَلْ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا، وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ، وَ) لَا بَأْسَ (أَنْ يَأْكُلَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَضَعَ سُفْرَةً) وَشِبْهَهَا (يَسْقُطُ عَلَيْهَا مَا يَقَعُ عَنْهُ لِئَلَّا يُلَوِّثَ الْمَسْجِدَ) .
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ) الْمُعْتَكِفُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ تَخْتَصُّ مَكَانًا فَكَانَ تَرْكُ الطِّيبِ فِيهَا مَشْرُوعًا كَالْحَجِّ قَالَ أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَطَيَّبَ.
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]
ِ (يَجِبُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْمَحَالِّ) جَمْعُ مَحِلَّةٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَنَحْوِهَا حَسَبَ الْحَاجَةِ) فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهَا: الْجُسُورُ وَالْقَنَاطِرُ وَأَرَاهُ ذَكَرَ الْمَصَانِعَ وَالْمَسَاجِدَ انْتَهَى، وَفِي الْحَثِّ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَمُرَاعَاةِ مَصَالِحِهَا آثَارٌ كَثِيرَةٌ وَأَحَادِيثُ بَعْضُهَا صَحِيحٌ، وَيُسْتَحَبُّ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَتَنْظِيفُهَا وَتَطْيِيبُهَا؛ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ «وَأَحَبُّ الْبِلَادِ إلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا» ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، (وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) لِحَدِيثِ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute