[فَصْل وَحِرْزُ الْمَالِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِيهِ]
(فَصْل وَحِرْزُ الْمَالِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِيهِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ وَالْبُلْدَانِ وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَجَوْرِهِ وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ بِالشَّرْعِ اعْتِبَارُهُ مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَى بَيَانِهِ عُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَرَجَعَ إلَيْهِ كَمَا رَجَعْنَا إلَى مَعْرِفَةِ الْقَبْضِ وَالْفِرْقَةِ فِي الْبَيْعِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ إلَيْهِ (فَحِرْزُ الْأَثْمَانِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْقُمَاشِ فِي الدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ فِي الْعُمْرَانِ وَرَاءَ الْأَبْوَابِ وَالْأَغْلَاقِ الْوَثِيقَةِ) وَالْغَلَقِ الْقَافِلِ خَشَبًا كَانَ أَوْ حَدِيدًا.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَكُونُ فِيهِ حَافِظٌ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي حِرْزِ ذَلِكَ (وَالصُّنْدُوقُ فِي السُّوقِ حِرْزٌ ثُمَّ حَارِسٌ) لِأَنَّهُ الْعَادَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَارِسٌ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ الصُّنْدُوقُ حِرْزًا (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَبْوَابُ مُغْلَقَةً وَلَا فِيهَا حَافِظٌ فَلَيْسَتْ حِرْزًا وَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ الدَّارِ الْمَفْتُوحَةِ الْأَبْوَابِ (خَزَائِنُ مُغْلَقَةٌ فَالْخَزَائِنُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا) مِنْ الْأَمْوَالِ (وَمَا خَرَجَ عَنْهَا) أَيْ الْخَزَائِنُ (فَلَيْسَ بِمُحْرِزٍ) إذَا كَانَتْ أَبْوَابُ الدَّارِ مَفْتُوحَةً.
قُلْتُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ خَزَائِنُ الْمَسْجِدِ فَالْمُغْلَقَةُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِيهَا (فَأَمَّا الْبُيُوتُ الَّتِي فِي الْبَسَاتِينِ وَالطُّرُقِ وَالصَّحْرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَلَيْسَتْ حِرْزًا مُغْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مَفْتُوحَةً وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُهَا أَوْ حَافِظٌ مُلَاحِظٌ فَهِيَ حِرْزٌ مُغْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مَفْتُوحَةً فَإِنْ كَانَ بِهَا نَائِمٌ وَهِيَ مُغْلَقَةٌ فَهِيَ حِرْزٌ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُغْلَقَةً (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَتْ بِحِرْزٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَافِظُ يَقْظَانَ (وَكَذَا خَيْمَةٍ وَحَرَكَاتٍ وَنَحْوِهِمَا) كَبَيْتٍ الشَّعْرِ إنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ وَلَوْ نَائِمًا فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ مَعَ مَا فِيهَا لِأَنَّهَا هَكَذَا تُحَرَّزُ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا حَافِظٌ فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ أَيْضًا.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدهَا حَافِظٌ وَلَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُحَرَّزَةٍ فِي الْعَادَةِ (وَإِنْ كَانَ لَابِسًا ثَوْبًا أَوْ مُتَوَسِّدًا لَهُ) تَحْتَ رَأْسِهِ (نَائِمًا) كَانَ (أَوْ مُسْتَيْقِظًا أَوْ) كَانَ (مُفْتَرِشًا) لَهُ (أَوْ مُتَّكِئًا عَلَيْهِ فِي أَيْ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَوْ بَرِّيَّةٍ) فَحِرْزٌ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ سَارِقَ رِدَاءِ صَفْوَانَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُتَوَسِّدُهُ (أَوْ) كَانَ (نَائِمًا عَلَى مَجَرِّ فَرَسِهِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ أَوْ) كَانَ (نَعْلُهُ فِي رِجْلِهِ فَحِرْزٌ) لِأَنَّهُ هَكَذَا مُحَرَّزٌ (فَإِنْ تَدَحْرَجَ) النَّائِمُ (عَنْ الثَّوْبِ زَالَ الْحِرْزُ) فَلَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ إذَنْ.
(وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْمَتَاعِ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ قُدَّامَهُ (كَبَزِّ الْبَزَّازِينَ وَقُمَاشِ الْبَاعَةِ) وَخُبْزِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute