الزِّنَا قَاذِف لِأُمِّهِ فَهَذِهِ) الْأَلْفَاظُ الَّتِي سَبَقَتْ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِهَا غَيْرَ الزِّنَا كَمَا قَدَّمْتُهُ (إنْ فَسَّرَهُ) أَيْ مَا سَبَقَ (بِالزِّنَا فَهُوَ قَذْفٌ) .
لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ الْأَغْلَظُ عَلَيْهِ (وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرُ الْقَذْفِ قُبِلَ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الزِّنَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ (مَعَ يَمِينِهِ) .
وَفِي التَّرْغِيبِ هُوَ قَذْفٌ بِنِيَّتِهِ وَلَا يَحْلِفُ مُنْكِرُهَا (وَعُزِّرَ وَإِنْ كَانَ نَوَى الزِّنَا بِالْكِنَايَةِ لَزِمَهُ الْحَدُّ بَاطِنًا وَيَلْزَمُهُ إظْهَارُ نِيَّتِهِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ.
(وَيُعَزَّرُ بِقَوْلِهِ يَا كَافِرُ يَا مُنَافِقُ يَا سَارِقُ يَا أَعْوَرُ يَا أَقْطَعُ يَا أَعْمَى يَا مُقْعَدُ يَا ابْنَ الزَّمِنِ الْأَعْمَى الْأَعْرَجِ يَا نَمَّامُ يَا حَرُورِيُّ) نِسْبَة إلَى الْحَرُورِيَّةِ، فِرْقَةٌ مِنْ الْخَوَارِجِ (يَا مُرَائِي يَا مُرَابِي يَا فَاسِقُ يَا فَاجِرُ يَا حِمَارُ يَا تَيْسُ يَا رَافِضِيُّ يَا خَبِيثَ الْبَطْنِ أَوْ الْفَرْجِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ يَا جَائِرُ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ يَا كَذَّابُ أَوْ يَا كَاذِبُ يَا ظَالِمُ يَا خَائِنُ يَا مُخَنَّثُ يَا مَأْبُونُ أَيْ مَعْيُوبُ) وَفِي عُرْفِ زَمَانِنَا مَنْ بِهِ مَاءٌ فِي دُبُرِهِ وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ لِأَنَّ الْأَبْنَةَ الْمُشَارُ إلَيْهَا لَا تُعْطِي أَنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ يَا مُغْتَلِمَةُ (زَنَتْ عَيْنُكِ يَا قَرْنَانِ يَا قُوَّادُ) وَهُوَ عِنْدَ الْعَامَّةِ السِّمْسَارُ فِي الزِّنَا (يَا مُعَرِّصُ يَا عَرْصَةُ) وَيَنْبَغِي فِيهِمَا بِحَسْبِ الْعُرْفِ أَنْ يَكُونَا صَرِيحِينَ (وَنَحْوُهُمَا يَا دَيُّوثُ) وَهُوَ الَّذِي يُقِرُّ السُّوءَ عَلَى أَهْلِهِ وَقِيلَ الَّذِي يُدْخِلُ الرِّجَالَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ الَّذِي لَا غَيْرَةَ لَهُ وَالْكُلُّ مُتَقَارِبٌ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (يَا كَشْخَانُ) بِفَتْحِ الْكَافَ وَكَسْرِهَا الدَّيُّوثُ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (يَا قَرْطَبَانُ) قَالَ ثَعْلَبٌ الْقَرْطَبَانُ الَّذِي يَرْضَى أَنْ يَدْخُلَ الرِّجَالُ عَلَى نِسَائِهِ.
وَقَالَ الْقَرْنَانُ وَالْكَشْخَانُ لَمْ أَرَهُمَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِثْلَ مَعْنَى الدَّيُّوثِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ (يَا عِلْقُ) وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهَا صَرِيحَةٌ وَمَعْنَاهُ قَوْلُ ابْنُ رَزِينٍ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عُرْفًا (يَا سُوسُ وَنَحْوُ ذَلِكَ) مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ إيذَاءٌ وَابْنُ ظَالِمٍ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الزِّنَا فَيُعَزَّر بِهِ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً وَكَفَالَةً عَنْ أَذَى الْمَعْصُومِينَ وَمَنْ قَالَ لِظَالِمِ ابْنِ ظَالِمٍ جَبَرَكَ اللَّهُ وَرَحِمَ سَلَفَكَ يُعَزَّرُ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ عَنْ الرِّعَايَةِ.
[فَصْلٌ وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلَدٍ]
(فَصْلٌ وَإنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلَدٍ أَوْ) قَذَفَ (جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْ جَمِيعِهِمْ عَادَةً لَمْ يُحَدَّ) لِأَنَّهُ عَارٌ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ الْقَاذِفِ (وَعُزِّرَ) عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالزُّورِ (كَسَبِّهِمْ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْقَذْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute