للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ الْوَلَاءِ وَجَرِّهِ وَدَوْرِهِ]

(بَابُ الْوَلَاءِ وَجَرِّهِ وَدَوْرِهِ) الْوَلَاءُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ لُغَةً الْمِلْكُ وَشَرْعًا ثُبُوتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِعِتْقٍ أَوْ تَعَاطِي سَبَبِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَمَعْنَى الْوَلَاءِ إذَا أَعْتَقَ نَسَمَةً) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (صَارَ لَهَا عَصَبَةٌ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِ التَّعَصُّبِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ) كَالِابْنِ وَالْأَبِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ وَقَوْلُهُ (مِنْ الْمِيرَاثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْعَقْلِ) إذَا جَنَى خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالنَّفَقَةِ بَيَانٌ لِأَحْكَامِ التَّعْصِيبِ.

(قَالَهُ فِي الْمَطْلَعِ وَ) قَالَهُ (الزَّرْكَشِيّ) وَقَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ مُتَعَلِّقٌ بِصَارَ، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ حَتَّى مَعَ وُجُودِهِ، لَكِنَّهُ مَحْجُوبٌ بِهِ عَنْ الْمِيرَاثِ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ الْوَلَاءُ عَنْ النَّسَبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَفِيهِ " لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ " شَبَّهَهُ بِالنَّسَبِ وَالْمُشَبَّهُ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَلِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَاءِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ وَتَرْكُ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْوَلَاءِ.

إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَكُلُّ مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا، أَوْ) أَعْتَقَ (بَعْضَهُ فَسَرَى) الْعِتْقُ (عَلَيْهِ) إلَى بَاقِيه عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ.

(وَلَوْ) كَانَ أَعْتَقَهُ (سَائِبَةً وَنَحْوَهَا كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُك سَائِبَةً، أَوْ) أَعْتَقْتُك (وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَزُولُ نَسَبُ إنْسَانٍ، وَلَا وَلَدٌ عَنْ فِرَاشٍ بِشَرْطٍ لَا يَزُولُ وَلَاءٌ عَنْ عَتِيقٍ بِهِ وَلِذَلِكَ لَمَّا «أَرَادَ أَهْلُ بَرِيرَةَ اشْتِرَاطَ وَلَائِهَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» يُرِيدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ تَحْوِيلِ الْوَلَاءِ عَنْ الْمُعْتَقِ، لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَرَوَى مُسْلِمٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ " جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إنِّي أَعْتَقْت عَبْدًا لِي وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً، فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يَدَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>