[فَصْلٌ فِي الْمُفَوِّضَةِ]
ِ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا فَالْكَسْرُ عَلَى نِسْبَةِ التَّفْوِيضِ إلَى الْمَرْأَةِ عَلَى أَنَّهَا فَاعِلَةٌ، وَالْفَتْحُ عَلَى نِسْبَتِهِ إلَى وَلِيِّهَا (وَهُوَ) أَيْ التَّفْوِيضُ لُغَةً: الْإِهْمَالُ كَأَنَّ الْمَهْرَ أُهْمِلَ حَيْثُ لَمْ يُسَمَّ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سُرَاةَ لَهُمْ ... وَلَا سُرَاةَ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا
(وَاصْطِلَاحًا عَلَى ضَرْبَيْنِ تَفْوِيضُ الْبُضْعِ) وَهُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ (وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْمُجْبَرَةَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، أَوْ تَأْذَنُ الْمَرْأَةُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ، سَوَاءٌ سَكَتَ عَنْ الصَّدَاقِ أَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ) فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦] .
وَلِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الْوَصْلَةُ وَالِاسْتِمْتَاعُ دُونَ الصَّدَاقِ، فَصَحَّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُكَ بِغَيْرِ مَهْرٍ، أَوْ يَزِيدَ لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَالِ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ.
(وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي تَفْوِيضُ الْمَهْرِ، وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَا شَاءَتْ أَوْ عَلَى مَا (شَاءَ) الزَّوْجُ أَوْ الْوَلِيُّ (أَوْ) عَلَى مَا (شَاءَ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ غَيْرُ الزَّوْجَيْنِ (أَوْ يَقُولُ) الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكَهَا (عَلَى مَا شِئْنَا أَوْ) عَلَى (حُكْمِنَا وَنَحْوِهِ) كَعَلَى حُكْمِكَ أَوْ حُكْمِ زَيْدٍ (فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ) فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ.
(وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ فِي تَزْوِيجِهَا إلَّا عَلَى صَدَاقٍ لَكِنَّهُ مَجْهُولٌ فَقَطْ لِجَهَالَتِهِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (بِالْعَقْدِ) فِي الضَّرْبَيْنِ، لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ فَكَانَ وَاجِبًا كَالْمُسَمَّى، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ لَمَا اسْتَقَرَّ بِالْمَوْتِ.
(فَلَوْ فَوَّضَ مَهْرَ أَمَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَهَا ثُمَّ فَرَضَ لَهَا الْمَهْرَ كَانَ) الْمَهْرُ (لِمُعْتِقِهَا أَوْ بَائِعَهَا، لِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ) وَهِيَ (فِي مِلْكِهِ) قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ الْبَيْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute