للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُشْتَهَى وَتُطْلَبُ فَهِيَ كَالْخَمْرِ بِخِلَافِ الْبَنْجِ فَالْحُكْمُ عِنْدَهُ مَنُوطٌ بِاشْتِهَاءِ النَّفْسِ وَطَلَبِهَا وَجَزَمَ فِي الْمُنْتَهَى بِأَنَّهَا تُشْتَهَى وَشَرَحَهُ بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ مِنْ حَيْثُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ.

(وَالْغَضْبَانُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ بِمَا يَصْدُر مِنْهُ مِنْ كُفْرٍ وَقَتْلِ نَفْسٍ وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَلَاقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ) النَّوَوِيَّةِ مَا يَقَعُ مِنْ الْغَضْبَانِ مِنْ طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ أَوْ يَمِينٍ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ وَفِي نُسْخَةٍ بِذَلِكَ كُلِّهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ (وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ صَحِيحَةٍ) مِنْهَا حَدِيثُ خُوَيْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ الْآتِي فِي الظِّهَارِ وَفِيهِ غَضِبَ زَوْجُهَا فَظَاهَرَ مِنْهَا، فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ وَقَالَتْ: إنَّهُ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَا أَرَاك إلَّا حَرُمْتِ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا وَفِي آخِرِهَا قَالَ فَحَوَّلَ اللَّهُ الطَّلَاقَ فَجَعَلَهُ ظِهَارًا وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمَا فِي ذَلِكَ وَأَطَالَ وَذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّادِسَ عَشْرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ (وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِخِلَافِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ لَكِنْ إنْ غَضِبَ حَتَّى أُغْمِيَ أَوْ أُغْشِيَ عَلَيْهِ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ فَأَشْبَهَ الْمَجْنُون (وَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِيلَاءِ) .

[فَصْلٌ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ ظُلْمًا بِمَا يُؤْلِمُ]

فَصْلٌ (وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ ظُلْمًا بِمَا يُؤْلِمُ كَالضَّرْبِ وَالْخَنْقِ وَعَصْرِ السَّاقِ وَالْحَبْسِ وَالْغَطِّ فِي الْمَاءِ مَعَ الْوَعِيدِ فَطَلَّقَ) تَبَعًا لِقَوْلِ مُكْرِهِهِ (لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عُثْمَانَ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ يُلْزِمُهُ اللُّصُوصُ فَطَلَّقَ لَيْسَ بِشَيْءٍ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إسْنَادُهُ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ.

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إغْلَاقٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهَذَا لَفْظُهُ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَلَفْظُهُمَا فِي إغْلَاقٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: هُوَ الْمَحْفُوظُ.

وَالْإِغْلَاقُ الْإِكْرَاهُ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ مُغْلَقٌ عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ مُضَيَّقٌ عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفِهِ، كَمَا يُغْلَقُ الْبَابُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ ظُلْمًا مَا لَوْ أُكْرِهَ بِحَقٍّ كَإِكْرَاهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>