للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وَشِبْهُ الْعَمْدِ وَيُسَمَّى خَطَأَ الْعَمْدِ]

(فَصْلٌ وَشِبْهُ الْعَمْدِ، وَيُسَمَّى خَطَأَ الْعَمْدِ وَعَمْدَ الْخَطَإِ) لِاجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ (أَنْ يَقْصِدَ الْجِنَايَةَ إمَّا لِقَصْدِ الْعُدْوَانِ عَلَيْهِ أَوْ) قَصْدِ (التَّأْدِيبِ لَهُ فَيُسْرِفَ فِيهِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا فَيُقْتَلُ قَصَدَ قَتْلَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْفِعْلَ وَأَخْطَأَ فِي الْقَتْلِ (نَحْوُ أَنْ يَضْرِبَهُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ أَوْ يَلْكُزَهُ بِيَدِهِ أَوْ يُلْقِيَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ يَسْحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ سَائِرِ مَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ يَصِيحُ بِصَغِيرٍ أَوْ صَغِيرَةٍ وَهُمَا عَلَى سَطْحٍ أَوْ نَحْوِهِ) مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمُرْتَفِعَةِ (فَيَسْقُطَانِ) فَيَمُوتَانِ (أَوْ يَعْتَقِلَ غَافِلًا فَيَصِيحُ بِهِ فَيَسْقُطُ فَيَمُوتُ أَوْ يَذْهَبُ عَقْلُهُ وَ) هَذَا كُلُّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ: «عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلَ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ؛ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَلَهُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ، وَرَوَاهُمَا النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مُسْنَدًا أَوْ مُرْسَلًا، وَهَذَا الْقِسْمُ يَثْبُتُ بِالسُّنَّةِ وَالْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ يَثْبُتَانِ بِالْكِتَابِ.

وَ (فِيهِ الْكَفَّارَةُ إذَا مَاتَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] وَالْخَطَأُ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ (وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ صَاحَ بِمُكَلَّفٍ أَوْ مُكَلَّفَةٍ فَسَقَطَا) فَمَاتَا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُمَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) إذَا لَمْ يَغْتَفِلَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِمَا (وَإِمْسَاكُ الْحَيَّةِ مُحَرَّمٌ وَجِنَايَةٌ) لِأَنَّهُ إلْقَاءٌ بِالنَّفْسِ إلَى الْهَلَاكِ؛ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] (فَلَوْ قَتَلَتْ) الْحَيَّةُ (مُمْسِكَهَا مِنْ مُدَّعِي الْمَشْيَخَةِ وَنَحْوِهِ فَ) هُوَ (قَاتِلُ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ فَعَلَ بِهَا مَا يَقْتُلُ غَالِبًا.

(وَ) أَمَّا (إمْسَاكُ الْحَيَّةِ مَعَ الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ فَشِبْهُ عَمْدٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ حَتَّى بَشِمَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَ نَفْسِهِ) قُلْتُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>