[فَصْلٌ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَيْ الزِّنَا وَلَوْ ذِمِّيًّا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ مُسْلِمِينَ عُدُولٌ]
(فَصْلٌ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ) أَيْ الزِّنَا (وَلَوْ ذِمِّيًّا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ مُسْلِمِينَ عُدُولٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] الْآيَةَ وَلِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ «أَرَأَيْتَ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ» رَوَاهُ مَالِكٌ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَلَا فَاسِقٍ وَلَوْ مَسْتُورًا (أَحْرَارًا كَانُوا) أَيْ الشُّهُودُ (أَوْ عَبِيدًا) لِعُمُومِ النَّصِّ وَهُوَ عَدْلٌ مُسْلِمٌ ذَكَرٌ فَقُبِلَ كَالْحُرِّ (يَصِفُونَ الزِّنَا) فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَشْهَدُوا (بِزِنَا وَاحِدٍ) يَصِفُونَهُ.
(فَيَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ مُغَيِّبًا ذَكَرَهُ) فِي فَرْجِهَا (أَوْ) غَيَّبَ (حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا) إنْ كَانَ مَقْطُوعَهَا (فِي فَرْجِهَا كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ أَوْ الرِّشَاءِ فِي الْبِئْرِ) لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ التَّصْرِيحُ فِي الْإِقْرَارِ كَانَ اعْتِبَارُهُ فِي الشَّهَادَةِ أَوْلَى (وَيَجُوزُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَنْظُرُوا إلَى ذَلِكَ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّانِيَيْنِ (لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا) لِيَحْصُلَ الرَّدْعُ بِالْحَدِّ (وَلَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ مَكَانِ الزِّنَا) عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ.
وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (وَلَا ذِكْرُ الْمَزْنِيِّ بِهَا إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى رَجُلٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ذِكْرُهُ الْمَزْنِيَّ بِهَا وَلَا مَكَانَ الزِّنَا وَقَطَعَ فِي الْمُنْتَهَى فِي الشَّهَادَاتِ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ ذِكْرهُمَا (وَلَا ذِكْرُ الزَّانِي إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى امْرَأَةٍ) كَعَكْسِهِ (وَيَكْفِي إذَا شَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِالزِّنَا (وَالتَّشْبِيهِ) بِالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءِ فِي الْبِئْرِ تَأْكِيدٌ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَجِيءَ الْأَرْبَعَةُ) لِلشَّهَادَةِ (فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ أَوْ مُجْتَمَعِينَ) لِقِصَّةٍ الْمُغِيرَةِ فَإِنَّهُمْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ وَسُمِعَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنَّمَا حُدُّوا لِعَدَمِ كَمَالِهَا وَذَلِكَ " أَنَّ عُمَرَ شَهِدَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرَةَ وَنَافِعٌ وَشِبْلُ بْنُ سَعِيدٍ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَلَمْ يَشْهَدْ زِيَادٌ فَحُدَّ الثَّلَاثَةُ " وَلَوْ كَانَ الْمَجْلِسُ غَيْرُ مُشْتَرِطٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحِدَّهُمْ لِجَوَازِ أَنْ يَكْمُلُوا بِرَابِعٍ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ (وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُمْ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ لِكَمَالِ النِّصَابِ (فَإِنْ جَاءَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قَامَ الْحَاكِمُ مِنْ مَجْلِسِهِ) فَهُمْ قَذَفَةٌ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَلَا صَحِيحَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute