فَيُرْدَعَ بِالثَّانِي كَمَا لَوْ سَرَقَ عَيْنًا أُخْرَى (وَمَنْ سَرَقَ مَرَّاتٍ قَبْلَ الْقَطْعِ أَجْزَأ حَدُّ وَاحِدٍ عَنْ جَمِيعِهَا) كَمَا لَوْ زَنَى أَوْ شَرِبَ مَرَّاتٍ قَبْلَ الْحَدِّ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَتَقَدَّمَ (وَلَوْ سَرَقَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ أَوْ الْمَغْصُوبَ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ مِنْ مَالٍ لَهُ وَلَا نَائِبِهِ.
(وَمَنْ آجَرَ دَارِهِ أَوْ أَعَارَهَا ثُمَّ سَرَقَ مِنْهَا مَالَ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ قُطِعَ) لِأَنَّهُ هَتَكَ حِرْزًا وَسَرَقَ مِنْهُ نِصَابًا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ فَيُقْطَعُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ مِلْكِهِ وَلِأَنَّ هَذَا قَدْ صَارَ حِرْزًا لِمَالِكٍ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَّةِ قَالَ فِي الْفُنُونِ لَهُ الرُّجُوعُ بِقَوْلِ لَا سَرِقَةَ.
[فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِلْقَطْعِ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ]
(فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ) لِلْقَطْعِ (ثُبُوتُ السَّرِقَةِ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْقَطْعَ عَلَى السَّارِق وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِثُبُوتِهِ (إمَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا لِدَلِيلٍ خَاصٍّ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْل (يَصِفَانِ السَّرِقَةَ) فِي شَهَادَتِهِمَا (وَ) يَصِفَانِ (الْحِرْزَ وَجِنْسَ النِّصَابِ وَقَدْرَهُ) لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فَرُبَّمَا ظَنَّ الشَّاهِدُ الْقَطْعَ بِمَا لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ.
(وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ يَسْقُطْ) الْقَطْعُ (بِغِيبَتِهِمَا وَلَا مَوْتِهِمَا) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ إذَا ثَبَتَتْ (وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الدَّعْوَى) مِنْ مَالِكِ الْمَسْرُوقِ أَوْ نَائِبِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ) فِي وَقْتٍ السَّرِقَةِ أَوْ مَكَانِهَا أَوْ فِي الْمَسْرُوقِ (فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ أَوْ سَرَقَ ثَوْرًا أَوْ ثَوْبًا أَبْيَضَ أَوْ عَرُوبًا وَشَهْدَ الْآخِرُ أَنَّهُ سَرَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ مِنْ الْبَيْتِ الْآخَرِ أَوْ بَقَرَةً أَوْ حِمَارًا أَوْ ثَوْبًا أَسْوَدَ أَوْ مَرْوِيًّا لَمْ يُقْطَعْ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا.
(كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى وَنَحْوُهُ (أَوْ بِاعْتِرَافٍ مَرَّتَيْنِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُتِيَ بِلِصٍّ قَدْ اعْتَرَفَ قَالَ: مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ قَالَ: بَلَى فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ قَالَ: بَلَى: فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّهُ قَالَ لِسَارِقٍ سَرَقْتَ؟ قَالَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute