مَرَّتَيْنِ فَقُطِعَ " رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إتْلَافًا فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ التَّكْرَارُ كَحَدِّ الزِّنَا (يُذْكَرُ فِيهِ) أَيْ اعْتِرَافِهِ (شُرُوطُ السَّرِقَةِ مِنْ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ يَصِفُ السَّرِقَةَ فِي اعْتِرَافِهِ كَالزِّنَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِاحْتِمَالِ ظَنِّهِ وُجُوبَ الْقَطْعِ عَلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ.
(وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَلَوْ آبِقًا فِي هَذَا سَوَاءٌ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَكَذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى (وَلَا يَنْزِعُ) أَيْ يَرْجِعُ (عَنْ إقْرَارِهِ حَتَّى يُقْطَعَ فَإِنْ رَجَعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (قُبِلَ) رُجُوعُهُ (وَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ» عَرَّضَ لَهُ لِيَرْجِعَ وَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ بِرُجُوعِهِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ وَلِأَنَّ حُجَّةَ الْقَطْعِ زَالَتْ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَسَقَطَ كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ (بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ) الْقَطْعُ (بِبَيِّنَةِ شَهِدَ عَلَى فِعْلِهِ فَإِنَّ إنْكَارَهُ لَا يُقْبَلُ) مِنْهُ بَلْ يُقْطَعُ (فَإِنْ قَالَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (أَحْلِفُوهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (لِي أَنِّي سَرَقْتُ مِنْهُ لَمْ يَحْلِفْ) لِأَنَّ فِيهِ قَدَحًا فِي الْبَيِّنَةِ وَلِحَدِيثِ " شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ ".
(وَإِنْ شَهِدَتْ) الْبَيِّنَةُ (عَلَى إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ جَحَدَ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ) كَمَا لَوْ اعْتَرَفَ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ رَجَعَ وَيُغَرَّمُ الْمَالُ (وَلَوْ أَقَرَّ) بِالسَّرِقَةِ (مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ ثَبَتَ) أَنَّهُ سَرَقَ (ب) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ وَيَمِين أَوْ أَقَرَّ) مَرَّتَيْنِ بِالسَّرِقَةِ (ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ غَرَامَةُ الْمَسْرُوقِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ (وَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ) عَنْ اعْتِرَافِهِ (وَقَدْ قُطِعَ بَعْضُ الْمَفْصِلِ لَمْ يُتَمَّمْ إنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ لِكَوْنِهِ قَطْعُ الْأَقَلِّ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ.
(وَإِنْ قُطِعَ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْمَفْصِلِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ (فَالْمَقْطُوعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَهُ) يَسْتَرِيحُ مِنْ تَعْلِيقِ كَفّه وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (وَلَا يُلْزَمُ الْقَاطِعُ بِقَطْعِهِ) لِأَنَّ قَطْعَهُ تَدَاوٍ وَلَيْسَ بِحَدٍّ (وَلَا بَأْسَ بِتَلْقِينِ السَّارِقِ لِيَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْرِيضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ» وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَسَأَلَهُ أَسَرَقْتَ؟ قَالَ لَا فَتَرَكَهُ " وَنَحْوَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ (وَ) لَا بَأْسَ (بِالشَّفَاعَةِ فِيهِ) أَيْ السَّارِقِ (إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَعَافُوا الْحُدُودَ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ وَجَبَ» (فَإِذَا بَلَغَهُ حُرِّمَتْ الشَّفَاعَةُ) وَقَبُولُهَا (وَلَزِمَ الْقَطْعُ) وَكَذَا سَائِرُ الْحُدُودِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ الْمَخْزُومِيَّةِ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute