للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخُلَطَاءُ: هُمْ الشُّرَكَاءُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ اللَّهُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.

[الشَّرِكَةٌ فِي الْمَالِ]

(وَهِيَ) نَوْعَانِ (اجْتِمَاعٌ فِي اسْتِحْقَاقٍ، أَوْ) اجْتِمَاعٌ فِي (تَصَرُّف) وَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ: شَرِكَةٌ فِي الْمَالِ كَاثْنَيْنِ مَلَكَا عَيْنًا بِمَنَافِعِهَا بِإِرْثٍ، أَوْ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ مَلَكَا الرَّقَبَةَ دُونَ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا إذَا اشْتَرَكَا فِي حَقِّ الرَّقَبَةِ، كَمَا لَوْ قَذَفَهُمَا إنْسَانٌ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لَهُمَا حَدًّا وَاحِدًا وَيَأْتِي (وَ) النَّوْعُ (الثَّانِي شَرِكَةُ عُقُودٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) بِالتَّرْجَمَةِ.

(وَتُكْرَهُ مُعَامَلَةُ مَنْ فِي مَالِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ يَجْهَلُ) وَكَذَا إجَابَةُ دَعْوَتِهِ، وَأَكْلُ هَدِيَّتِهِ وَصَدَقَتِهِ وَنَحْوِهَا، وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ وَتَقْوَى الْكَرَاهَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ وَقِلَّتِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» الْحَدِيثَ.

(وَ) تُكْرَهُ (مُشَارَكَةُ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ) مِمَّنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ يَلِي التَّصَرُّفَ قَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَجُوسِيِّ: مَا أُحِبُّ مُخَالَطَتَهُ وَمُعَامَلَتَهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِلُّ مَا لَا يَسْتَحِلُّ هَذَا.

(وَكَذَا) تُكْرَهُ (مُشَارَكَةُ كِتَابِيٍّ وَلَوْ غَيْرَ ذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالرِّبَا، إلَّا أَنْ يَلِيَ الْمُسْلِمُ التَّصَرُّفَ) فَلَا تُكْرَهُ لِلْأَمْنِ مِنْ الرِّبَا وَلِمَا رَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مُشَارَكَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ بِيَدِ الْمُسْلِمِ» .

[شَرِكَةُ الْعُقُودِ]

[شَرِكَةُ الْعَنَانِ]

(وَهِيَ) أَيْ شَرِكَةُ الْعُقُودِ (خَمْسَةُ أَقْسَامٍ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى تَصَرُّفٍ فِي مَالٍ فَلَمْ تَصِحَّ مِنْ غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ كَالْبَيْعِ (أَحَدُهَا: شَرِكَةُ الْعَنَانِ) .

بِكَسْرِ الْعَيْنِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الْمَال وَالتَّصَرُّفِ، كَالْفَارِسَيْنِ إذَا اسْتَوَيَا بَيْنَ فَرَسَيْهِمَا وَتَسَاوَيَا فِي السَّيْرِ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ " إذَا عَرَضَ يُقَالُ عَنَّتْ لِي حَاجَةٌ إذَا عَرَضَتْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ عَنَّ أَيْ عَرَضَ لَهُ مُشَارَكَةُ صَاحِبِهِ وَقِيلَ: مَنْ عَانَهُ، إذَا عَارَضَهُ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ عَارَضَ صَاحِبَهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَعَمَلِهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَقَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ: إنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ هُوَ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا، وَهِيَ جَائِزَةٌ إجْمَاعًا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>