أَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَلَا تُسْتَحَبُّ جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ، وَهِيَ جِلْسَةٌ يَسِيرَةٌ صِفَتُهَا كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ بَعْدَهَا قِيَامٌ، وَالِاسْتِرَاحَةُ طَلَبُ الرَّاحَةِ كَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ إعْيَاءٌ فَيَجْلِسُ لِيَزُولَ عَنْهُ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا مُطْلَقًا: هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ، وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُود وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَحْمَدُ " أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: تِلْكَ السُّنَّةُ، وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ: أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ ذَلِكَ، أَيْ: لَا يَجْلِسُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ دَلِيلٌ صَرِيحٌ لِلْمَطْلُوبِ، كَحَدِيثِ إثْبَاتِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَاخْتِيَارِ الْخَلَّالِ رِوَايَةَ الْجُلُوسِ لَهَا، وَقَالَ: رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إلَى هَذَا، لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، جَلَسَ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ أَيْضًا " أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي، وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ، حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَهْ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ.
وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ عِنْدَ كِبَرِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ.
[فَصْلٌ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى]
(فَصْلٌ ثُمَّ يُصَلِّي) الرَّكْعَةَ (الثَّانِيَةَ) كَالرَّكْعَةِ (الْأُولَى) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ لَمَّا وَصَفَ لَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى «ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» (إلَّا فِي تَجْدِيدِ النِّيَّةِ) لِلِاكْتِفَاءِ بِاسْتِحْبَابِهَا، وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ أَكْثَرُهُمْ، لِأَنَّهَا شَرْطٌ لَا رُكْنٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَ) إلَّا فِي (تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) فَلَا تُعَادُ، لِأَنَّهَا وُضِعَتْ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، (وَ) إلَّا فِي (الِاسْتِفْتَاحِ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَوْ) كَانَ عَدَمُ إتْيَانِهِ بِهِ (عَمْدًا فِي الْأُولَى) فَلَا يَأْتِي بِهِ فِي الثَّانِيَةِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute