للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمَفْعُولِ بِهِ صَحَّ، إنْ لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ مُكْرَهًا (وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ الْوُضُوءِ (فَيَنْوِي) بِالتَّيَمُّمِ (اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُبَاحُ إلَّا بِهِ) كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَيُعَيِّن مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ وَفَرْضَهُ، إنْ كَانَ لَهُ نَفْلٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (فَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّ التَّيَمُّمَ غَيْرُ رَافِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ.

[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ]

(فَصْلٌ: وَفَرَائِضُهُ) أَيْ: التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ (أَرْبَعَةُ) أَشْيَاءَ: (مَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: ٦] وَاللِّحْيَةُ مِنْ الْوَجْهِ، لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي حُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ (سِوَى مَا تَحْتَ شَعْرِهِ وَلَوْ خَفِيفًا وَ) سِوَى (مَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ) فَلَا يُدْخِلُ التُّرَابَ فَمَهُ وَأَنْفَهُ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ قَطْعًا (بَلْ يُكْرَهَانِ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ التَّقْذِيرِ (فَإِنْ بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ شَيْءٌ لَمْ يَصِلْهُ التُّرَابُ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَفْصِلْ رَاحَتَهُ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَعْمِيمُ الْمَسْحِ لَا تَعْمِيمُ التُّرَابِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا} [المائدة: ٦] (فَإِنْ فَصَلَهَا) أَيْ: الرَّاحَة (وَقَدْ كَانَ بَقِيَ عَلَيْهَا غُبَارٌ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِهَا) مَا بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ غُبَارٌ طَهُورٌ (وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا شَيْءٌ) مِنْ الْغُبَارِ (ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى) لِيَحْصُلَ مَسْحُ بَاقِي مَحَلِّ الْفَرْضِ بِالتُّرَابِ.

(وَإِنْ نَوَى) اسْتِبَاحَةَ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ (وَأَمَرَّ وَجْهَهُ عَلَى التُّرَابِ) أَوْ مَسَحَهُ بِهِ صَحَّ (أَوْ) نَوَى ثُمَّ (صَمَدَهُ) أَيْ: وَجْهَهُ (لِلرِّيحِ فَعَمّ التُّرَابُ) الْوَجْهَ (وَمَسَحَهُ بِهِ صَحَّ) التَّيَمُّمُ إذَا أَتَمَّهُ لِوُجُودِ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ الطَّهُورِ بَعْدَ النِّيَّةِ، كَمَا لَوْ صَمَدَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ بَعْدَ نِيَّتِهِ لِمَطَرٍ أَوْ مِيزَابٍ، حَتَّى جَرَى الْمَاءُ عَلَيْهَا.

وَ (لَا) يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ (إنْ سَفَّتْهُ) أَيْ: التُّرَابَ (رِيحٌ) (قَبْلَ النِّيَّةِ، فَمَسَحَ بِهِ) مَا يَجِبْ مَسْحُهُ، لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [المائدة: ٦] لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ.

(وَ) الْفَرْضُ الثَّانِي (مَسْحَ يَدَيْهِ إلَى كُوعَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: ٦] إذَا عُلِّقَ حُكْمٌ بِمُطْلَقِ الْيَدَيْنِ لَمْ يُدْخِلْ فِيهِ الذِّرَاعَ، كَقَطْعِ السَّارِقِ وَمَسِّ الْفَرْجِ لِحَدِيثِ عَمَّارٍ قَالَ «بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>