للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ إثْمُ مَا أَدْخَلَ عَلَى قَلْبِ مَالِكِهِ مِنْ أَلَمِ الْغَصْبِ وَمَضَرَّةِ الْمَنْعِ مِنْ مِلْكِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَلَا يَزُولُ إثْمُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّوْبَةِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أَنَّ بِالضَّمَانِ وَالْقَضَاءِ بِلَا تَوْبَةٍ يَزُولُ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ حَقِّ اللَّهِ وَذَكَر الْمَجْدُ فِيمَنْ ادَّانَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ فَعَجَزَ: لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ.

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِير: بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحِلُّ وِفَاقٍ (وَلَوْ رَدَّهُ) أَيْ: الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَنَحْوَهُ (وَارِثُ الْغَاصِبِ) أَوْ السَّارِقِ وَنَحْوُهُ (فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ) أَوْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَنَحْوِهِ (مُطَالَبَتُهُ) أَيْ: الْغَاصِبِ أَوْ السَّارِقِ وَنَحْوِهِ (فِي الْآخِرَةِ نَصًّا) ؛ لِأَنَّ الْمَظَالِمَ لَوْ انْتَقَلَتْ لَمَا اسْتَقَرَّ لِمَظْلُومٍ حَقٌّ فِي الْآخِرَةِ.

[فَصْلٌ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ]

(فَصْلٌ) فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ (وَمَنْ أَتْلَفَ) مِنْ مُكَلَّفٍ وَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ رَبُّهُ (وَلَوْ) كَانَ الْإِتْلَافُ (خَطَأً أَوْ سَهْوًا مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: الْمَالِكِ (ضَمِنَهُ) أَيْ: ضَمِنَ الْمُتْلِفُ مَا أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ غَصَبَهُ فَتَلِفَ عِنْدَهُ وَاحْتُرِزَ بِالْمَالِ عَنْ الْكَلْبِ وَالسَّرْجَيْنِ النَّجَسِ وَنَحْوِهِمَا (سِوَى إتْلَافِ حَرْبِيٍّ مَالَ مُسْلِمٍ) وَعَكْسِهِ وَعَادَلَ مَالَ بَاغٍ وَعَكْسِهِ حَالَ الْحَرْبِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُتْلِفُ وَيَأْتِي (وَغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ كَمَالِ حَرْبِيٍّ وَصَائِلٍ وَرَقِيقٍ حَالَ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ وَنَحْوهِمْ) كَآلَاتِ لَهْوٍ وَآنِيَةِ خَمْرٍ وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَصَلِيبٍ وَصَنَمٍ وَنَحْوِهَا (لَا يَضْمَنُهُ) مُتْلِفُهُ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ وَيَأْتِي.

(وَإِنْ أُكْرِهَ إنْسَانٌ عَلَى إتْلَافِهِ) أَيْ: الْمَالِ الْمَضْمُونِ (ضَمِنَهُ مُكْرِهُهُ) وَلَوْ كَانَ مَالَ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ الْمُكْرِهِ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَهُوَ كَالْآلَةِ.

(وَمَنْ أَغْرَى ظَالِمًا بِأَخْذِ مَالِ إنْسَانٍ وَدَلَّهُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْإِنْسَانِ أَوْ مَالِهِ (ضَمِنَهُ) الْمُغْرِي لِتَسَبُّبِهِ (أَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّرِيرَانِيِّ) وَلَعَلَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ فَلَا يُحْتَجُّ بِمَفْهُومِهِ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْإِغْرَاءِ أَوْ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي ظُلْمِهِ فَهْوَ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ.

(وَإِنْ غَرِمَ) إنْسَانٌ (بِسَبَبِ كَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَهُ) أَيْ: الْغَارِمِ (تَغْرِيمُ الْكَاذِبِ) لِتَسَبُّبِهِ فِي ظُلْمِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخِذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي الْحَجْرِ) وَتَقَدَّمَتْ لَهُ نَظَائِرُ أَيْضًا وَمِثْلُهُ مَنْ شَكَا إنْسَانًا ظُلْمًا فَأَغْرَمَهُ شَيْئًا لِحَاكِمٍ سِيَاسِيٍّ كَمَا أَفْتَى بِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ الشِّهَابُ ابْنُ النَّجَّارِ وَلَمْ يَزَلْ مَشَايِخُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>