وَالْعَطَايَا الْمُعَلَّقَةُ بِالْمَوْتِ (فِي حَالِ الصِّحَّةِ) أَوْ بَعْضُهَا فِي الصِّحَّةِ وَبَعْضُهَا فِي الْمَرَضِ؛ فَيُسَوِّي بَيْنَهُمْ (وَيُسَوِّي بَيْنَ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَوُجِدَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَقَدَّمَ (وَ) يُسَوِّي أَيْضًا بَيْنَ (الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ) فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَطَايَا.
(وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ) الْمُعَيَّنِ وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ (لَزِمَ الْوَارِثَ إعْتَاقُهُ) لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهَا وَلَا يَعْتِقُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ (وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ) أَيْ: إعْتَاقِهِ (إنْ أَبَى) أَنْ يَعْتِقَهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ أَوْ الْحَاكِمُ) عِنْدَ عَدَمِهِ أَوْ امْتِنَاعِهِ (فَهُوَ) أَيْ: الْعَبْدُ (حُرٌّ مِنْ حِينِ أَعْتَقَهُ) لَا مِنْ الْمَوْتِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي مُوصَى بِوَقْفِهِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ: الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ، وَلَهُ حُكْمُ الْمُدَبَّرِ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ (وَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي) لِأَنَّهُ السَّبَبُ (فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِهِ إلَى غَيْرِ الْوَارِثِ، كَانَ الْإِعْتَاقُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى مَنْ عَيَّنَهُ الْمُوصِي وَلَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ (غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ مَنْ عَيَّنَهُ الْمُوصِي (إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ) مِنْ الْإِعْتَاقِ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ فَالْحَاكِمُ (وَمَا كَسَبَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْإِعْتَاقِ فَلَهُ) أَيْ: لِلْمُوصَى بِعِتْقِهِ لِاسْتِحْقَاقِ الْحُرِّيَّةِ فِيهَا اسْتِحْقَاقًا لَازِمًا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَكَرِهَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ.
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي فِي آخِرِ بَابِ الْعِتْقِ: كَسْبُهُ لِلْوَرَثَةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ انْتَهَى، وَالثَّانِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى فِي آخِرِ بَابِ الْمُوصَى لَهُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ (وَإِنْ رَدَّ الْوَرَثَةُ مَا يَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ) كَالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ (بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ فَلَوْ أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِالنِّصْفِ فَرَدُّوهَا بَطَلَتْ فِي السُّدُسِ خَاصَّةً لِمَا تَقَدَّمَ وَنَفَذَتْ فِي الثُّلُثِ.
[فَصْلٌ حُكْمُ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ]
(فَصْلٌ وَإِجَازَتُهُمْ) أَيْ: الْوَرَثَةِ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَلِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ (تَنْفِيذٌ) لِقَوْلِ الْمُوصِي (لَا هِبَةَ) أَيْ: لَيْسَتْ إجَازَتُهُمْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً كَمَا يَقُولُهُ مَنْ قَالَ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ (فَلَا تَفْتَقِرُ) الْإِجَازَةُ (إلَى شُرُوطِهَا) أَيْ: الْهِبَةِ، وَالْمُرَادُ بِالشُّرُوطِ هُنَا: مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ وَإِنْ كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَّةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute