[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ]
(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ) أَعْقَبَهُ لِلْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ أَوْ مَسْحِ مَا تَحْتَهُ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ: مَسْحُ الْخُفَّيْنِ وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ غَيْرَ الْجَبِيرَةِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (رُخْصَةٌ) وَهِيَ لُغَةً السُّهُولَةُ، وَشَرْعًا مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَعَنْهُ عَزِيمَةٌ وَهِيَ لُغَةً الْقَصْدُ الْمُؤَكَّدُ، وَشَرْعًا حُكْمٌ ثَابِتٌ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَالرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ وَصْفَانِ لِلْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ فَوَائِدِهِمَا الْمَسْحَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَتَعْيِينَ الْمَسْحِ عَلَى لَابِسِهِ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ.
(وَ) الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ (أَفْضَلُ مِنْ الْغَسْلِ) ؛ لِأَنَّهُ وَأَصْحَابَهُ إنَّمَا طَلَبُوا الْأَفْضَلَ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ» (وَيَرْفَعُ) مَسْحُ الْحَائِلِ (الْحَدَثَ) عَمَّا تَحْتَهُ (نَصًّا) وَإِنْ كَانَ مُؤَقَّتًا؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْمَسْحِ فَضْلٌ لَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ بِهِ لِوُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِالْغَسْلِ (إلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ) الْخُفَّ وَنَحْوَهُ (لِيَمْسَحَ) عَلَيْهِ كَمَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، إذَا كَانَتَا مَكْشُوفَتَيْنِ، وَيَمْسَحُ قَدَمَيْهِ إذَا كَانَ لَابِسًا لِلْخُفِّ، فَالْأَفْضَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِحَالِ قَدَمِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَ (كَالسَّفَرِ، لِيَتَرَخَّصَ) فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ يَأْتِي لَوْ سَافَرَ لِيَنْظُرَ جُرْمًا (وَيُكْرَهُ لُبْسُهُ) أَيْ: الْخُفِّ.
(مَعَ مُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ بِهَذِهِ الطَّهَارَةِ، فَكَذَلِكَ اللُّبْسُ الَّذِي يُرَادُ لِلصَّلَاةِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُكْرَهَ.
وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبُولَ لَبِسَ خُفَّيْهِ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَبِسَهُمَا عِنْدَ غَلَبَةِ النُّعَاسِ وَالصَّلَاةُ إنَّمَا كُرِهَتْ لِلْحَاقِنِ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَ قَلْبِهِ بِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ يَذْهَبُ بِخُشُوعِ الصَّلَاةِ، وَيَمْنَعُ الْإِتْيَانَ بِهَا عَلَى الْكَمَالِ، وَيَحْمِلُهُ عَلَى الْعَجَلَةِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي اللُّبْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَيَصِحُّ) الْمَسْحُ (عَلَى خُفٍّ) فِي رِجْلَيْهِ لِثُبُوتِهِ بِالسُّنَّةِ الصَّرِيحَةِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ.
وَقَالَ الْحَسَنُ رَوَى الْمَسْحَ سَبْعُونَ نَفْسًا، فِعْلًا مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
وَقَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ فِي قَلْبِي مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَيْءٌ، فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute