وُجُوبًا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ حَالَتَيْ الصَّلَاةِ عُرْيَانًا وَلُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِيهَا، عَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِ الْحَالَةِ الْأُخْرَى وَقَدْ قَدَّمَ حَالَةَ التَّزَاحُمِ آكَدَهُمَا فَإِذَا أَزَالَ التَّزَاحُمَ بِوُجُودِهِ ثَوْبًا طَاهِرًا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ، اسْتِدْرَاكًا لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِتَرْكِ الشَّرْطِ الَّذِي كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ بِخِلَافِ مَنْ حُبِسَ بِالْمَكَانِ النَّجِسِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الِانْتِقَالِ عَنْ الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَنْ عَدِمَ السُّتْرَةَ بِكُلِّ حَالٍ.
(فَإِنْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ وُجُودِهِ) أَيْ: الثَّوْبِ النَّجِسِ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ وُجُوبًا لِأَنَّهُ فَوَّتَ السُّتْرَةَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ.
وَلَوْ كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ صَلَّى عُرْيَانًا مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ نَجِسَانِ: صَلَّى) فَرْضَهُ (فِي أَقَلِّهِمَا) وَأَخَفِّهِمَا (نَجَاسَةً) لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مَقْدُورٌ عَلَى اجْتِنَابِهِ فَوَجَبَ، لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .
وَإِذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي طَرَفِ الثَّوْبِ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَتِرَ بِالطَّاهِرِ مِنْهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ مُلَاقَاتِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا، وَحَمْلَهَا وَإِنْ لَمْ يُلَاقِهَا: مَحْذُورَانِ وَقَدْ أَمْكَنَهُ اجْتِنَابُ أَحَدِهِمَا فَلَزِمَهُ.
[فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ]
فَصْلٌ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ أَوْ مَنْكِبَيْهِ فَقَطْ: سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَصَلَّى قَائِمًا) وُجُوبًا وَتَرَكَ سَتْرَ مَنْكِبَيْهِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ الْقِيَامَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا يُتْرَكُ لِأَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) السُّتْرَةُ الَّتِي وَجَدَهَا (تَكْفِي عَوْرَتَهُ فَقَطْ، أَوْ مَنْكِبَهُ وَعَجُزَهُ فَقَطْ) بِأَنْ كَانَتْ إذَا تَرَكَهَا عَلَى كَتِفَيْهِ وَسَدَلَهَا مِنْ وَرَائِهِ تَسْتُرُ عَجُزَهُ (سَتَرَ مَنْكِبَهُ وَعَجُزَهُ، وَصَلَّى جَالِسًا اسْتِحْبَابًا) لِكَوْنِهِ يَسْتُرُ مُعْظَمَهَا وَالْمُغَلَّظَ مِنْهَا وَسَتْرُ الْمَنْكِبِ لَا بُدَّ لَهُ فَكَانَ مُرَاعَاتُهُ أَوْلَى مَعَ صِحَّةِ الْحَدِيثِ بِسَتْرِ أَحَدِ الْمَنْكِبَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَكْفِ جَمِيعَهَا) أَيْ: الْعَوْرَةُ (سَتَرَ الْفَرْجَيْنِ) لِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ وَهُمَا عَوْرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَغَيْرُهُمَا كَالْحَرِيمِ التَّابِعِ لَهُمَا.
(فَإِنْ لَمْ يَكْفِ) مَا وَجَدَهُ مِنْ السُّتْرَةِ (إلَّا أَحَدَهُمَا) أَيْ: الْفَرْجَيْنِ (خُيِّرَ) بَيْنَ سَتْرِ الْقُبُلِ، أَوْ الدُّبُرِ، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وُجُوبِ السَّتْرِ بِلَا خِلَافٍ (وَالْأَوْلَى: سَتْرُ الدُّبُرِ) لِأَنَّهُ أَفْحَشُ وَيَنْفَرِجُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute