للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَفَّارَةِ حُكْمُ الْأَحْرَارِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مِلْكًا تَامًّا أَشْبَهَ الْحُرَّ الْكَامِلَ (وَتَقَدَّمَ فِي) كِتَابِ (الظِّهَارِ وَبَعْضِ أَحْكَامِ الْكَفَّارَةِ فَلْيُعَاوَدْ) لِأَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ.

[بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ]

ِ (يُرْجَعُ فِيهَا) أَيْ الْأَيْمَانِ (إلَى نِيَّةِ حَالِفٍ إنْ كَانَ) الْحَالِفُ (غَيْرَ ظَالِمٍ) لَهَا كَانَ (وَلَفْظُهُ يَحْتَمِلُهَا) أَيْ يَحْتَمِلُ النِّيَّةَ فَتَعَلَّقَ يَمِينُهُ بِمَا نَوَاهُ دُونَ مَا لَفِظَ بِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَلِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ يُصْرَفُ إلَى مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ دُونَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَكَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى إرَادَتِهِ أَوْلَى (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا) أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ (مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ مِنْ الظَّاهِرِ وَتَوَسُّطِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ.

وَ (لَا) يُقْبَلُ مِنْهُ (مَعَ بُعْدِهِ) أَيْ الِاحْتِمَالِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ (فَتُقَدَّمُ نِيَّتُهُ) أَيْ الْحَالِفِ (فِي عُمُومِ لَفْظِهِ وَعَلَى السَّبَبِ) الَّذِي صَحَّحَ الْيَمِينَ لِمَا تَقَدَّمَ (سَوَاءٌ كَانَ مَا نَوَاهُ) الْحَالِفُ (مُوَافِقًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ فَالْمُوَافِقُ) مِنْ نِيَّتِهِ (لِلظَّاهِرِ) مِنْ لَفْظِهِ (أَنْ يَنْوِيَ بِاللَّفْظِ مَوْضُوعَهُ الْأَصْلِيَّ مِثْلَ أَنْ يَنْوِيَ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ الْعُمُومَ وَ) يَنْوِيَ (بِالْمُطْلَقِ الْإِطْلَاقَ وَ) يَنْوِيَ (بِسَائِرِ الْأَلْفَاظِ مَا يَتَبَادَرُ إلَى الْأَفْهَامِ مِنْهَا وَالْمُخَالِفُ) مِنْ النِّيَّةِ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ (يَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا مِنْهَا أَنْ يَنْوِيَ بِالْعَامِّ الْخَاصَّ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَلَا فَاكِهَةً وَيُرِيدُ) بِاللَّحْمِ (لَحْمًا بِعَيْنِهِ وَ) بِالْفَاكِهَةِ (فَاكِهَةً بِعَيْنِهَا) وَنَظِيرُهُ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: ١٧٣] (وَمِنْهَا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِهِ وَيَنْوِيَ فِي وَقْتٍ) مُعَيَّنٍ (مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَتَغَذَّى وَيُرِيدُ الْيَوْمَ أَوْ لَا أَكَلْتُ وَيُرِيدُ السَّاعَةَ أَوْ دُعِيَ إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى سِوَى ذَلِكَ الْغِذَاءِ) لَكِنَّ هَذَا الْمِثَالَ مِنْ النَّوْعِ قَبْلَهُ (اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِمَا نَوَاهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَمِنْهَا أَنْ يَنْوِيَ بِيَمِينِهِ غَيْرَ مَا يَفْهَمُهُ السَّامِعُ مِنْهُ) لِنَحْوِ تَوْرِيَةٍ.

(كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْوِيلِ فِي الْحَلِفِ وَمِنْهَا أَنْ يُرِيدَ بِالْخَاصِّ الْعَامَّ) عَكْسَ الْأَوَّلِ (كَقَوْلِهِ: لَا شَرِبْتُ لِفُلَانٍ الْمَاءَ مِنْ الْعَطَشِ يَنْوِي قَطْعَ كُلِّ مَالَهُ فِيهِ مِنَّةٌ) لِأَنَّهُ نَوَى بِيَمِينِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ وَيَسُوغُ فِي اللُّغَةِ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ فَتَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَيْهِ كَالْمَعَارِيضِ.

قَالَ تَعَالَى {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر: ١٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>