مَا اتَّخَذَهُ أَرْبَابُ الدُّنْيَا مِنْ الْعَادَاتِ وَالنَّزَاهَةِ الَّتِي لَمْ يُقَبِّحْهَا السَّلَفُ وَلَا اجْتَنَبَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ تَقَذُّرِهِمْ مِنْ حَمْلِ الْحَوَائِجِ وَالْأَقْوَاتِ لِلْعِيَالِ وَلُبْسِ الصُّوفُ وَرُكُوبُ الْحِمَارِ وَحَمْلُ الْمَاءِ عَلَى الظَّهْرِ وَالرِّزْمَةِ إلَى السُّوقِ فَلَا يُعْتَبَرُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُرُوءَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا يَحْمِلُ الْمَاءَ لِأَهْلِهِ وَهَذَا يَحْمِلُ الرِّزْمَةَ لِلسُّوقِ «وَقَدْ رَكِبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحِمَارَ وَلَبِسَ الصُّوفَ وَاحْتَذَى الْمَخْصُوفَ» مَعَ كَوْنِهِ قَدْ أُوتِيَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ فَلَا ازْدِرَاءَ فِي ذَلِكَ وَلَا إسْقَاطَ مُرُوءَةٍ قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
[فَصْلٌ وَمَتَى زَالَتْ الْمَوَانِعُ مِنْهُمْ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وَتَابَ الْفَاسِقُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ]
ْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِأَنَّ رَدَّهَا إنَّمَا كَانَ لِمَانِعٍ وَقَدْ زَالَ.
(وَلَا يُعْتَبَرُ فِي التَّائِبِ إصْلَاحُ الْعَمَلِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ تُقْبَلُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ فَلَأَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرَةَ تُبْ أَقْبَلْ شَهَادَتَكَ وَلِحُصُولِ النَّفْرَةِ بِهَا.
(وَتَوْبَةُ غَيْرِ قَاذِفٍ نَدَمٌ) بِقَلْبِهِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ ذَنْبِهِ (وَإِقْلَاعٌ) عَنْ الذَّنْبِ الَّذِي تَابَ مِنْهُ (وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَى ذَلِكَ الذَّنْبِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِأَجْلِ نَفْعِ الدُّنْيَا أَوْ أَذَى النَّاسِ اخْتِيَارًا لَا بِإِكْرَاهٍ وَإِلْجَاءٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ لَفْظُ إنِّي تَائِبٌ أَوْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ بَلَى (وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ بِتَرْكٍ وَاجِبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ الَّذِي تَرَكَهُ (وَيُسَارِعُ) بِفِعْلِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ بَلْ تَجِبُ التَّوْبَةُ فَوْرًا مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ.
(وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ تَوْبَةٍ مِنْ) نَحْوِ غَصْبٍ (رَدُّ مَظْلَمَةٍ إلَى رَبِّهَا) إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا أَوْ) أَنْ (يَجْعَلَهُ مِنْهَا) أَيْ الْمَظْلَمَةِ (فِي حِلٍّ) بِأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يُبْرِئَهُ (وَيَسْتَمْهِلَهُ مُعْسِرًا) أَيْ يَسْتَمْهِلُ التَّائِبُ رَبَّ الْمَظْلَمَةِ إنْ عَجِزَ عَنْ رَدِّهَا أَوْ بَدَّلَهَا لِعُسْرَتِهِ.
وَتَوْبَةُ الْمُبْتَدِعِ الِاعْتِرَافُ بِبِدْعَتِهِ وَالرُّجُوعُ عَنْهَا وَاعْتِقَادُ ضِدِّ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ مِنْ مُخَالَفَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
(وَتَوْبَةُ قَاذِفٍ بِزِنَا) أَوْ لِوَاطٍ (أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ) وَلَوْ كَانَ صَادِقًا فَيَقُولُ كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ (لِكَذِبِهِ حُكْمًا) أَيْ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute