دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، إنْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ وَيَأْتِي) ذَلِكَ (آخِرَ الْجُمُعَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ خَيْرُ الْمَجَالِسِ) لِلْخَبَرِ (وَلَا يُفَرْقِعْ أَصَابِعَهُ) لِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ (وَيَشْتَغِلُ بِالطَّاعَةِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ أَوْ يَسْكُتُ) إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِذَلِكَ وَالِاشْتِغَالُ بِذَلِكَ أَفْضَلُ.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَخُوضَ فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا) فَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ كَمَا فِي الْخَبَرِ (فَمَا دَامَ كَذَلِكَ) أَيْ: مُشْتَغِلًا بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ أَوْ سَاكِتًا مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ (فَهُوَ فِي صَلَاةٍ وَالْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يُحْدِثْ) لِلْخَبَرِ.
[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
وَبَيَانُ مَا يُكْرَهُ فِيهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (يُسَنُّ أَنْ يَقُومَ إمَامٌ) عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ (فَمَأْمُومٌ غَيْرُ مُقِيمٍ إلَى الصَّلَاةِ) يَقُومُ (عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ) كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ " رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أَوْفَى وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَاسْتُحِبَّتْ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ عَلَى هَذَا أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ.
وَإِنَّمَا اُسْتُثْنِيَ الْمُقِيمُ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْإِقَامَةِ كُلِّهَا قَائِمًا كَالْأَذَانِ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ قِيَامِ الْمَأْمُومِ عِنْد قَوْلِهِ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ (إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ لَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُ) قَالَهُ الْمُوَفَّقُ.
وَفِي الشَّرْحِ: إنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ قَامُوا قَبْلَ رُؤْيَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
وَفِي الْإِنْصَافِ وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُومُ حَتَّى يَرَى الْإِمَامَ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ اهـ لِقَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ: «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ إلَيْهَا هُوَ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا، لِيَشْمَلَ جُلُوسَ الْعَاجِزِ عَنْهُ وَلَا يُحْرِمُ الْإِمَامُ حَتَّى تَفْرَغَ الْإِقَامَةُ نَصَّ عَلَيْهِ.
وَهُوَ قَوْلُ جُلِّ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ (وَإِنْ كَانَ) الْإِمَامُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (وَلَمْ يَعْلَمْ قُرْبَهُ لَمْ يَقِمْ حَتَّى يَرَاهُ) لِلْخَبَرِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (وَلَيْسَ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالتَّكْبِيرِ دُعَاءٌ مَسْنُونٌ نَصًّا)