للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ: مَا يَشْتَهِرُ بِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَيُشَارُ إلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا إلَى حَمْلِهِمْ عَلَى غِيبَتِهِ، فَيُشَارِكُهُمْ فِي إثْمِ الْغِيبَةِ.

(وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ: فِي ثَوْبِ الشُّهْرَةِ (خِلَافُ) زِيّهِ (الْمُعْتَادِ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا مَقْلُوبًا أَوْ مُحَوَّلًا، كَجُبَّةٍ أَوْ قَبَاءَ) مُحَوَّلٍ (كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَالسَّخَافَةِ) .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الشُّهْرَتَيْنِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الشُّهْرَتَانِ؟ قَالَ رِقَّةُ الثِّيَابِ وَغِلَظُهَا، وَلِينُهَا وَخُشُونَتُهَا، وَطُولُهَا وَقِصَرُهَا وَلَكِنْ سَدَادًا بَيْنَ ذَلِكَ وَاقْتِصَادًا» .

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: إنَّ قَوْمًا جَعَلُوا خُشُوعَهُمْ فِي اللِّبَاسِ، وَشَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِلِبَاسِ الصُّوفِ، حَتَّى أَنَّ أَحَدَهُمْ بِمَا يَلْبَسُ مِنْ الصُّوفِ أَعْظَمُ كِبْرًا مِنْ صَاحِبِ الْمُطَرَّفِ بِمُطَرَّفِهِ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ: كَانَ الْعِلْمُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ فَانْتَقَلَ إلَى جُلُودِ الضَّأْنِ قُلْتُ: وَالْآنَ إلَى جُلُودِ السَّمُّورِ (وَيُكْرَهُ) لُبْسُ (خِلَافِ زِيِّ) أَهْلِ (بَلَدِهِ وَ) لُبْسُ (مُزْرٍ بِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ الشُّهْرَةِ (فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الِارْتِفَاعَ وَإِظْهَارَ التَّوَاضُعِ حَرُمَ لِأَنَّهُ رِيَاءٌ) «وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ» .

(وَكَرِهَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ الْكِلَّةَ) بِالْكَسْرِ (وَهِيَ قُبَّةٌ) أَيْ: سِتْرٌ رَقِيقٌ يُخَاطُ شِبْهُ الْبَيْتِ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (لَهَا بَكَرٌ تُجَرُّ بِهَا) (وَقَالَ هِيَ مِنْ الرِّيَاءِ، لَا تَرُدُّ حَرًّا وَلَا بَرْدًا) وَيُشْبِهُهَا الْبَشْخَانَةُ وَالنَّامُوسِيَّةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ مَنْسُوجٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَتَحْرُمُ (وَيُسَنُّ غَسْلُ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ مِنْ عَرَقٍ وَوَسَخٍ وَيُكْرَهُ تَرْكُ الْوَسَخِ فِيهِمَا) لِخَبَرِ: «أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ» وَخَبَرِ: «إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ» (وَ) يُكْرَهُ (الْإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحِ) .

وَحَرَّمَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لِعُمُومِ {وَلا تُسْرِفُوا} [الأنعام: ١٤١] .

[فَصْلٌ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةٌ]

فَصْلٌ (وَيَحْرُمُ عَلَى ذَكَرٍ وَأُنْثَى لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ) لِحَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْتُ، الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ أَوْ كَلْبٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَتَعْلِيقُهُ) أَيْ: مَا فِيهِ صُورَةٌ (وَسَتْرُ الْجُدُرِ بِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَتَصْوِيرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>