[فَصْلٌ لِلْوَلِيِّ الْمُحْتَاجِ غَيْرِ الْحَاكِمِ وَأَمِينِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ]
(فَصْلٌ: وَلِلْوَلِيِّ الْمُحْتَاجِ غَيْرِ الْحَاكِمِ وَأَمِينِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦] وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي فَقِيرٌ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ وَلِي يَتِيمٌ فَقَالَ كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِك غَيْرَ مُسْرِفٍ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ (الْأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، أَوْ قَدْرَ كِفَايَتِهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالْعَمَلِ وَالْحَاجَةِ جَمِيعًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا وَجَدَا فِيهِ.
(وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْهُ حَاكِمٌ) وَأَمَّا الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ فَلَا يَأْكُلَانِ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا يَسْتَغْنِيَانِ بِمَالِهِمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْوَلِيَّ (عِوَضُهُ) أَيْ مَا أَكَلَهُ (إذَا أَيْسَرَ) لِأَنَّ ذَلِكَ جُعِلَ عِوَضًا لَهُ عَنْ عَمَلِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ عِوَضُهُ، كَالْأَجِيرِ وَالْمُضَارِبِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالْأَكْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا (وَإِنْ كَانَ) الْوَلِيُّ (غَنِيًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: ٦] (إذَا لَمْ يَكُنْ أَبًا) لِمَا يَأْتِي: أَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ.
(فَإِنْ فَرَضَ) أَيْ قَدَّرَ (لِلْوَلِيِّ الْحَاكِمُ شَيْئًا جَازَ لَهُ أَخْذُهُ مَجَّانًا) فَلَا يَغْرَمُ بَدَلَهُ بَعْدُ (وَلَوْ مَعَ غِنَاهُ) وَلِلْحَاكِمِ الْفَرْضُ، حَيْثُ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً.
(وَلَا يَقْرَأُ) الْوَلِيُّ وَلَا غَيْرُهُ (فِي مُصْحَفِ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ) ذَلِكَ (يُخْلِقُهُ) أَيْ يُبْلِي الْمُصْحَفَ، لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ (وَيَأْكُلُ نَاظِرُ وَقْفٍ بِمَعْرُوفٍ نَصًّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ لَهُ شَيْئًا) لِأَنَّهُ يُسَاوِي الْوَصِيَّ مَعْنًى وَحُكْمًا.
(وَظَاهِرُهُ) أَنَّ النَّاظِرَ يَأْكُلُ بِالْمَعْرُوفِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَقَالَ الشَّيْخُ لَهُ) أَيْ النَّاظِرِ (أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ مَعَ فَقْرِهِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يُقَدَّمُ بِمَعْلُومِهِ بِلَا شَرْطٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ مَعَ فَقْرِهِ كَوَصِيِّ الْيَتِيمِ (وَالْوَكِيلِ فِي) تَفْرِيقِ (الصَّدَقَةِ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا شَيْئًا لِأَجْلِ الْعَمَلِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ مُوَافَقَةُ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْأُجْرَةِ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَلَا يَأْكُلُ أَيْضًا لِفَقْرِهِ، وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لِأَنَّهُ مُنَفِّذٌ.
(وَمَتَى زَالَ الْحَجْرُ) عَنْ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ (فَادَّعَى)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute