[فَصْلٌ الْخِيَار الَّذِي يَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ]
فَصْلٌ الْقِسْمُ السَّادِسُ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ (خِيَارٌ يَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ إذَا أَخْبَرَهُ) أَيْ أَخْبَرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ (بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) كَإِخْفَاءِ تَأْجِيلِهِ (وَلَا بُدَّ فِي جَمِيعِهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ (مِنْ مَعْرِفَةِ) الْبَائِعِ وَ (الْمُشْتَرِي رَأْسَ الْمَالِ) لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الثَّمَنِ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَمَتَى فَاتَتْ لَمْ يَصِحَّ.
(وَهُنَّ) أَيْ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُرَابَحَةُ وَالْمُوَاضَعَةُ (أَنْوَاعٌ مِنْ الْبَيْعِ) اخْتَصَّتْ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ، كَاخْتِصَاصِ السَّلَمِ وَالْمُشْتَرِي قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الشِّرَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَوْقَعَهُ، لِكَوْنِهِ حَالِفًا أَوْ وَصِيًّا فِي الشِّرَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (فَتَصِحُّ) هَذِهِ الْأَنْوَاعُ (بِأَلْفَاظِهَا وَ) تَصِحُّ (بِلَفْظِ الْبَيْعِ) وَبِمَا يُؤَدِّي ذَلِكَ الْمَعْنَى.
(وَهِيَ) صُورَةُ (الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ، وَبَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَسْهَلُ مِنْهُ نَصًّا) قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: لِضِيقِ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ النَّقْدِ وَالْوَزْنِ وَتَأْخِيرِ الثَّمَنِ وَمِمَّنْ اشْتَرَاهُ وَيَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ وَالرَّقْمُ، وَالْقِصَارَةُ، وَالسَّمْسَرَةُ وَالْحَمْلُ وَلَا يَغُرَّ فِيهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَهُ لِيَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِكُلِّ مَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُسَاوَمَةُ انْتَهَى.
وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْتُ أَمَّا بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ فَهُوَ أَوْلَى لِلْمُشْتَرِي وَأَسْهَلُ انْتَهَى وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كَلَامَ الْحَاوِي فِي الضِّيقِ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا بَيَّنَهُ وَكَلَامَ صَاحِبِ الْإِنْصَافِ فِي سُهُولَةِ الْأَمْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ الْمُمَاكَسَةِ (فَالتَّوْلِيَةُ) لُغَةً تَقْلِيدُ الْعَمَلِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا (الْبَيْعُ بِرَأْسِ الْمَالِ) فَقَطْ (فَيَقُولُ الْبَائِعُ: وَلَّيْتُكَهُ، أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ بِمَا اشْتَرَيْتُهُ بِهِ، أَوْ بِرَقْمِهِ الْمَعْلُومِ عِنْدَهُمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (وَهُوَ) أَيْ رَقْمُهُ (الثَّمَنُ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ) فَإِنْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا الثَّمَنَ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ دَفَعَ الثِّيَابَ إلَى قَصَّارٍ وَأَمَرَهُ بِرَقْمِهَا، فَرَقَمَ ثَمَنَهَا عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ حَتَّى يَرْقُمَهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا فَعَلَ الْقَصَّارُ.
(وَالشَّرِكَةُ: بَيْعُ بَعْضِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ) الْمَعْلُومِ لَهُمَا (نَحْوَ: أَشْرَكْتُكَ فِي نِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ وَنَحْوِهِ) كَرُبُعِهِ، وَ (كَقَوْلِهِ: هُوَ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا) فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ (فَلَوْ قَالَ) إنْسَانٌ اشْتَرَى شَيْئًا (لِمَنْ قَالَ لَهُ أَشْرِكْنِي فِيهِ: أَشْرَكْتُكَ انْصَرَفَ) الْإِشْرَاكُ (إلَى نِصْفِهِ) لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ.
(وَإِنْ لَقِيَهُ آخَرُ فَقَالَ) الْآخَرُ لَهُ (أَشْرِكْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute