[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]
فَصْلٌ وَيَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ قَالَ " فِي أَرْضِ الْحَرْبِ الْخُمُسُ وَفِي أَرْضِ الْعَرَبِ الزَّكَاةُ " (فِي الْحَالِ) فَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ حَوْلٌ كَالْمَعْدِنِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَكَاةٍ، بَلْ فَيْءٌ (أَيَّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ مَالٍ، وَلَوْ غَيْرَ نَقْدٍ) كَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ لِأَنَّهُ مَالٌ مَظْهُورٌ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ فَوَجَبَ فِيهِ الْخُمُسُ كَالْغَنِيمَةِ (قَلَّ) ذَلِكَ الْمَوْجُودُ (أَوْ كَثُرَ) بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَالزَّرْعِ، لِكَوْنِهِمَا يَحْتَاجَانِ إلَى كُلْفَةٍ فَاعْتُبِرَ لَهُمَا النِّصَابُ تَخْفِيفًا (وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الْخُمُسِ مِنْ غَيْرِهِ) كَزَكَاةِ الْحُبُوبِ وَغَيْرِهَا (وَيُصْرَفُ خُمُسُ الرِّكَازِ مَصْرِفَ الْفَيْءِ الْمُطْلَقِ لِلْمَصَالِحِ كُلِّهَا) لِفِعْلِ عُمَرَ رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَخْمُوسٌ، كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ.
(وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ، أَوْ) رَدُّ بَعْضِهِ: لِوَاجِدِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَيَجُوزُ لَهُ (تَرْكُهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْخَرَاجِ) إذَا رَدَّهُ أَوْ تَرَكَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ (وَكَمَا) أَنَّ (لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (رَدُّ خُمُسِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) عَلَى الْغَانِمِينَ (لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (أَيْضًا رَدَّ الزَّكَوَاتِ عَلَى مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ، إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا لِأَنَّهُ أُخِذَ بِسَبَبٍ مُتَجَدِّدٍ كَإِرْثِهَا وَقَبْضِهَا عَنْ دَيْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ، فَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ تَرَكَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ (لَهُ) أَيْ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ لَمْ يَبْرَأْ مَنْ تُرِكَتْ لَهُ مِنْهَا لِعَدَمِ الْإِيتَاءِ.
(وَيَجُوزُ لِوَاجِدِهِ) أَيْ الرِّكَازِ (تَفْرِقَتُهُ بِنَفْسِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ لِأَنَّهُ أَدَّى الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ أَنْ يَمْسِكَ الْوَاجِبَ فِيهِمَا لِنَفْسِهِ (وَبَاقِيهِ) أَيْ الرِّكَازِ (لَهُ) أَيْ لِوَاجِدِهِ لِفِعْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ " دَفَعَا بَاقِي الرِّكَازِ لِوَاجِدِهِ " وَلِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ مَظْهُورٌ عَلَيْهِ فَكَانَ لِوَاجِدِهِ بَعْدَ الْخُمُسِ، كَالْغَنِيمَةِ.
(وَلَوْ) كَانَ وَاجِدُهُ (ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا بِدَارِنَا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) كَغَيْرِهِمْ (وَيُخْرِجُ عَنْهُمَا الْوَلِيُّ) الْخُمُسَ كَزَكَاةِ مَالِهِمَا، وَنَفَقَةٌ تَجِبُ عَلَيْهِمَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِدُهُ أَجِيرًا فِيهِ) أَيْ فِي طَلَبِهِ (لِطَالِبِهِ) أَيْ الرِّكَازِ (فَ) الْبَاقِي إذَنْ (لِمُسْتَأْجِرِهِ) لِأَنَّ الْوَاجِدَ نَائِبٌ عَنْهُ (وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ هَدْمِ شَيْءٍ) مِنْ حَائِطٍ وَغَيْرِهِ (فَوَجَدَهُ) أَيْ الرِّكَازَ (فَهُوَ لَهُ) أَيْ لِوَاجِدِهِ (لَا لِمُسْتَأْجِرِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِ الْوَاجِدِ قُلْت: فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِطَلَبِ رِكَازٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute