للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَفَاءِ الْقِبْلَةِ عَلَيْهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: قَوْلًا وَاحِدًا، لِقِصَرِ زَمَنِهِ.

قَالَ فِي الشَّرْحِ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادِهِ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ كَالْمُجْتَهِدِ (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ تَعَلُّمِ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ (فَعَلَيْهِ التَّقْلِيدُ) لِأَنَّ الْقِبْلَةَ يَجُوزُ تَرْكُهَا لِلضَّرُورَةِ، وَفِي شِدَّةِ الْخَوْفِ وَلَا يُعِيدُ، بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ.

[بَابُ النِّيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

(بَابُ النِّيَّةِ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (وَهِيَ الشَّرْطُ التَّاسِعُ) وَبِهَا تَمَّتْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ (وَهِيَ) لُغَةً: الْقَصْدُ، يُقَالُ: نَوَاك اللَّهُ بِخَيْرٍ أَيْ: قَصَدَك بِهِ وَ (شَرْعًا: عَزْمُ الْقَلْبِ عَلَى فِعْلِ الْعِبَادَةِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى) بِأَنْ يَقْصِدَ بِعَمَلِهِ اللَّهَ تَعَالَى دُونَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ تَصَنُّعٍ لِمَخْلُوقٍ، أَوْ اكْتِسَابِ مَحْمَدَةٍ عِنْدَ النَّاسِ، أَوْ مَحَبَّةِ مَدْحٍ مِنْهُمْ أَوْ نَحْوِهِ، وَهَذَا هُوَ الْإِخْلَاصُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ تَصْفِيَةُ الْفِعْلِ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْمَخْلُوقِينَ وَقَالَ آخَرُ: هُوَ التَّوَقِّي عَنْ مُلَاحَظَةِ الْأَشْخَاصِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَالَ آخَرُ: هُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفِعْلِ لِدَاعِيَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهَا مِنْ الدَّوَاعِي تَأْثِيرٌ فِي الدُّعَاءِ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ.

وَفِي الْخَبَرِ «الْإِخْلَاصُ سِرٌّ مِنْ سِرِّي اسْتَوْدَعْتُهُ قَلْبَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ عِبَادِي» وَدَرَجَاتُ الْإِخْلَاصِ ثَلَاثَةٌ: عُلْيَا، وَهِيَ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ وَقِيَامًا بِحَقِّ عُبُودِيَّتِهِ.

وَوُسْطَى وَهِيَ أَنْ يَعْمَلَ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَدُنْيَا: وَهِيَ أَنْ يَعْمَلَ لِلْإِكْرَامِ فِي الدُّنْيَا وَالسَّلَامَةِ مِنْ آفَاتِهَا، وَمَا عَدَا الثَّلَاثَ مِنْ الرِّيَاءِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ أَفْرَادُهُ، وَلِهَذَا قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ: الْعِبَادَةُ مَا وَجَبَتْ لِكَوْنِهَا مُفْضِيَةً إلَى ثَوَابِ الْجَنَّةِ، أَوْ إلَى الْبُعْدِ مِنْ عِقَابِ النَّارِ، بَلْ لِأَجْلِ أَنَّكَ عَبْدٌ وَهُوَ رَبٌّ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الشَّمْسِ الْعَلْقَمِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا) أَيْ: النِّيَّةِ (بِحَالٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] وَالْإِخْلَاصُ: عَمَلُ الْقَلْبِ، وَهُوَ مَحْضُ النِّيَّةِ.

وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْصِدَ بِعَمَلِهِ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ، فَاشْتُرِطَتْ لَهَا النِّيَّةُ بِالصَّوْمِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ: هِيَ قَبْلَ الصَّلَاةِ شَرْطٌ وَفِيهَا رُكْنٌ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ فِي بَقِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>