الْمُرَادَ: اسْتِحْبَابًا مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِمَنْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الصَّدَقَةِ تَطَوُّعًا قَبْلَ إخْرَاجِهَا وَلَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ الْفَرْقُ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: لِمَنْ نَحَرَ بَدَلُ مَا عَطِبَ مِنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ، أَوْ تَعَيَّبَ، أَوْ ضَلَّ وَنَحْوُهُ (اسْتِرْجَاعُ عَاطِبٍ وَمَعِيبٍ وَضَالٍّ وَجَدَهُ وَنَحْوُهُ) كَمَغْصُوبٍ قَدَرَ عَلَيْهِ (بَعْدَ ذَبْحِ بَدَلِهِ) وَقَوْلُهُ (إلَى مِلْكِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِرْجَاعٍ (بَلْ يَذْبَحُهُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا أَهْدَتْ هَدْيَيْنِ فَأَضَلَّتْهُمَا فَبَعَثَ إلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَدْيَيْنِ فَنَحَرَتْهُمَا ثُمَّ عَادَ الضَّالَّانِ فَنَحَرَتْهُمَا وَقَالَتْ: هَذِهِ سُنَّةُ الْهَدْيِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَهَذَا يَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّهُ تَعَلَّقَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمَا بِإِيجَابِهِمَا عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِذَبْحِ بَدَلِهِمَا.
(وَإِنْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ) مِنْ دَمِ فِدْيَةٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ نَذْرٍ وَنَحْوِهِ (لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ أَرْضَى مَالِكَهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً فِي ابْتِدَائِهِ، فَلَمْ يَصِرْ قُرْبَةً فِي أَثْنَائِهِ، كَمَا لَوْ ذَبَحَهَا لِلْأَكْلِ، ثُمَّ نَوَاهَا لِلتَّقَرُّبِ.
(وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْهَدْيِ) الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (إلَّا بِذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ) فِي وَقْتِهِ وَمَحِلِّهِ، إذْ الْمَقْصُودُ إرَاقَةُ الدَّمِ كَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
(وَيُبَاحُ لِلْفُقَرَاءِ الْأَخْذُ مِنْ الْهَدْيِ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ إلَيْهِمْ بِالْإِذْنِ كَقَوْلِهِ) أَيْ: الْمَالِك (مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ، أَوْ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَحَرَ خَمْسَ بَدَنَاتٍ وَقَالَ مَنْ شَاءَ فَلْيَقْتَطِعْ» وَقَالَ لِسَائِقِ الْبُدْنِ «اُصْبُغْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا وَاضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا» وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اكْتِفَاءِ الْفُقَرَاءِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا.
[فَصْلٌ سَوْقُ الْهَدْيِ مِنْ الْحِلِّ مَسْنُونٌ]
(فَصْلٌ سَوْقُ الْهَدْيِ مِنْ الْحِلِّ مَسْنُونٌ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ فَسَاقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ وَكَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ إلَى الْحَرَمِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ.
(وَلَا يَجِبُ) سَوْقُ الْهَدْيِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ (إلَّا بِالنَّذْرِ) لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَهُ) أَيْ: الْهَدْيَ (بِعَرَفَةَ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَرَى هَدْيًا إلَّا مَا وَقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَلَنَا أَنَّ الْمُرَادَ نَحْرُهُ وَنَفْعُ الْمَسَاكِينِ بِلَحْمِهِ وَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَلَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ دَلِيلٌ يُوجِبُهُ.
(وَ) يُسَنُّ أَنْ (يَجْمَعَ فِيهِ) أَيْ: الْهَدْيِ (بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute