للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُطَالِبَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بِمَالِهِ]

(فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُطَالِبَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بِمَالِهِ) أَوْ يُطَالِبَ بِهِ (وَكِيلُهُ) لِأَنَّ الْمَالَ يُبَاحُ بِالْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكَهُ أَبَاحَهُ إيَّاهُ، أَوْ وَقَفَهُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ السَّارِقُ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ حِرْزِهِ فَاعْتُبِرَتْ الْمُطَالَبَةُ لِتَزُولَ الشُّبْهَةُ (فَإِنْ أَقَرَّ) مُكَلَّفٌ (بِسَرِقَةِ مَالٍ غَائِبٍ أَوْ شَهِدَتْ بِهَا بَيِّنَةٌ حُبِسَ) إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ (وَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَحْضُرَ) الْغَائِبُ وَيُطَالِبَ وَتُعَادَ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ يَكْتَفِي بِإِقَامَتِهَا قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ.

(فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ) أَيْ يَدِ الْمُقِرِّ بِالسَّرِقَةِ أَوْ يَدِ مَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ (أَخَذَهَا الْحَاكِمُ وَحَفِظَهَا لِلْغَائِبِ) لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَهُ النَّظَرُ فِي مَالِ الْغَائِبِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ) شَيْءٍ مُكَلَّفٍ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ (فَقَالَ الْمَالِكُ لَمْ تَسْرِقْ مِنِّي وَلَكِنْ غَصَبَتْنِي أَوْ كَانَ) ذَلِكَ الشَّيْءَ (لِي قِبَلَكَ وَدِيعَةً فَجَحَدَتْنِي لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَمْ يُوَافِقْ دَعْوَى الْمُدَّعِي (وَإِنْ أَقَرَّ) مُكَلَّفٌ (أَنَّهُ سَرَقَ) نِصَابًا (مِنْ رَجُلَيْنِ) مَثَلًا (فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) وَحْدَهُ (أَوْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا فَطَالَبَ وَلَمْ يُطَالِبْ الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعْ) لِعَدَمِ كَمَالِ الشَّرْطِ وَهُوَ مُطَالَبَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِنِصَابٍ تَامٍّ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْ الْمُدَّعِي يَبْلُغُ نِصَابًا قُطِعَ لِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ.

(فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا يَبْلُغُ نِصَابًا فَقَالَ الرَّجُلُ: قَدْ فَقَدْتُهُ مِنْ مَالِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّه بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَإِنْ كَذَّبَ مُدَّعٍ نَفْسَهُ سَقَطَ الْقَطْعُ.

(وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ) لِاجْتِمَاعِ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ (قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ.

وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا " وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: أَنَّهُمَا قَالَا: " إذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَمِينَهُ مِنْ الْكُوعِ " وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ الْبَطْشَ بِهَا أَقْوَى، فَكَانَتْ الْبُدَاءَة بِهَا أَرْدَعُ وَلِأَنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ غَالِبًا فَنَاسَبَ عُقُوبَتُهُ بِإِعْدَامِ آلَتِهَا (وَحُسِمَتْ وُجُوبًا وَهُوَ) أَيْ الْحَسْمُ (أَنْ يُغْمَسَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ مِنْ مَفْصِلِ الذِّرَاعِ فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَارِق: «اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ» .

قَالَ ابْن الْمُنْذِرِ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ وَالْحِكْمَةُ فِي الْحَسْمِ أَنَّ الْعُضْوَ إذَا قُطِعَ فَغُمِسَ فِي الزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ انْسَدَّتْ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ فَيَنْقَطِعَ الدَّمُ إذْ لَوْ تُرِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>