للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ أَخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ]

فَصْلٌ (وَلَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ) بْنِ وَائِلٍ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ وَلَدِ رَبِيعَةَ بْنِ نَذَارٍ فَإِنَّهُمْ انْتَقَلُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَدَعَاهُمْ عُمَرُ إلَى بَذْلِ الْجِزْيَةِ فَأَبَوْا وَأَنِفُوا وَقَالُوا نَحْنُ عَرَبٌ خُذْ مِنَّا كَمَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ: لَا آخُذُ مِنْ مُشْرِكٍ صَدَقَةً فَلَحِقَ بَعْضُهُمْ بِالرُّومِ فَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ زُرْعَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ الْقَوْمَ لَهُمْ بَأْسٌ وَشِدَّةٌ وَهُمْ عَرَبٌ يَأْنَفُونَ مِنْ الْجِزْيَةِ فَلَا تُعِنْ عَلَيْكَ عَدُوَّكَ بِهِمْ وَخُذْ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ فَبَعَثَ عُمَرُ فِي طَلَبِهِمْ وَرَدِّهِمْ، وَضَعَّفَ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةَ.

(وَلَوْ بَذَلُوهَا) أَيْ: الْجِزْيَةَ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مُؤَبَّدٌ وَقَدْ عَقَدَهُ مَعَهُمْ عُمَرُ هَكَذَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ (بَلْ) تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ (مِنْ حَرْبِيٍّ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ بَنِي تَغْلِبَ (لَمْ يَدْخُلْ فِي الصُّلْحِ إذَا بَذَ لَهَا) قَطَعَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَقْضٌ لِفِعْلِ عُمَرَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيهِ.

(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَقْضُ عَهْدِهِمْ) أَيْ: بَنِي تَغْلِبَ (وَتَجْدِيدُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مُؤَبَّدٌ وَقَدْ عَقَدَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَكَذَا فَلَا يُغَيِّرُهُ إلَى الْجِزْيَةِ) أَحَدٌ (وَإِنْ سَأَلُوهُ) ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ.

(وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ بَنِي تَغْلِبَ (عِوَضَهَا) أَيْ: الْجِزْيَةَ (مِنْ مَاشِيَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ مِثْلَيْ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّ تَمَامَ حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ ضَعَّفَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْإِبِلِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاتَانِ، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعَانِ وَفِي كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَفِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَشْرَةٌ وَفِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْخُمُسُ وَفِيمَا سُقِيَ بِنَضْخٍ أَوْ دُولَابٍ الْعُشْرُ وَاسْتَقَرَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَفِي عِبَارَتِهِ تَسَامُحٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَيُؤْخَذُ عِوَضُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ مِثْلَيْ زَكَاةِ الْمُسْلِمِينَ (حَتَّى مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ جِزْيَةٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِغَارِهِمْ وَمَجَانِينِهِمْ وَزَمِنَاهُمْ وَمَكَافِيفِهِمْ) أَيْ: الْعُمْيِ مِنْهُمْ (وَشُيُوخِهِمْ وَنَحْوِهِمْ) ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَهَا بِالْأَنْفُسِ سَقْطٌ وَانْتَقَلَ إلَى الْأَمْوَالِ بِتَقْدِيرِهِمْ فَتُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مَالٍ زَكَوِيٍّ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِأَنَّ نِسَاءَهُمْ وَصِبْيَانَهُمْ صِينُوا عَنْ السَّبْيِ بِهَذَا الصُّلْحِ وَدَخَلُوا فِي حُكْمِهِ فَجَازَ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْوَاجِبِ بِهِ كَالرِّجَالِ الْعُقَلَاءِ (وَ) لِهَذَا (لَا تُؤْخَذُ مِنْ فَقِيرٍ) وَلَوْ مُعْتَمَلًا (وَلَا مِمَّنْ لَهُ مَالٌ دُونَ نِصَابٍ أَوْ) لَهُ مَالٌ (غَيْرُ زَكَوِيٍّ) كَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَيَكْتَفِي بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>