[فَصْل فِي النُّشُوزِ]
ِ وَهُوَ كَرَاهَةُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ وَسُوءُ عِشْرَتِهِ يُقَال: نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ وَنَاشِزٌ، وَنَشَزَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا جَفَاهَا وَأَضَرَّ بِهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ مَعْصِيَتُهَا إيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا) مَأْخُوذٌ مِنْ النَّشَزِ وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَكَأَنَّهَا ارْتَفَعَتْ عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُقَالُ نَشَصَتْ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا أَمَارَاتُ النُّشُوزِ بِأَنْ تَتَثَاقَلَ) إذَا دَعَاهَا (أَوْ تَتَدَافَعَ إذَا دَعَاهَا إلَى الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ تُجِيبَهُ مُتَبَرِّمَةً مُتَكَرِّهَةً وَيَخْتَلُّ أَدَبُهَا فِي حَقِّهِ، وَعَظَهَا) بِأَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ الْحَقّ وَمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْإِثْمِ بِالْمُخَالَفَةِ، وَمَا يَسْقُط بِذَلِكَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، وَمَا يُبَاح لَهُ مِنْ هَجْرِهَا وَضَرْبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] .
(فَإِنْ رَجَعَتْ إلَى الطَّاعَةِ وَالْأَدَبِ حُرِّمَ الْهَجْرُ وَالضَّرْبُ) لِزَوَالِ مُبِيحِهِ (وَإِنْ أَصَرَّتْ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَأَظْهَرَتْ النُّشُوزَ بِأَنْ عَصَتْهُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ إجَابَتِهِ إلَى الْفِرَاشِ، أَوْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ مَا شَاءَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: ٣٤] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " لَا تُضَاجِعَهَا فِي فِرَاشِكَ " وَقَدْ «هَجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) هَجْرُهَا (فِي الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا فَوْقِهَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَالْهَجْرُ ضِدَّ الْوَصْلِ وَالتَّهَاجُرُ التَّقَاطُعُ (فَإِنْ أَصَرَّتْ وَلَمْ تَرْتَدِع) بِالْهَجْرِ (فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] .
(فَيَكُونُ الضَّرْبُ بَعْدَ الْهَجْرِ فِي الْفِرَاشِ وَتَرْكِهَا مِنْ الْكَلَامِ) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ أَيْ غَيْرَ شَدِيدٍ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ يَرْفَعُهُ «لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُضَاجِعْهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ» (وَيَجْتَنِبُ الْوَجْهَ) تَكْرِمَةً لَهُ (و) يَجْتَنِبُ (الْبَطْنَ وَالْمَوَاضِعَ الْمَخُوفَةَ) خَوْفَ الْقَتْلِ.
(وَ) يَجْتَنِبُ الْمَوَاضِعَ (الْمُسْتَحْسَنَةَ) لِئَلَّا يُشَوِّهَهَا، وَيَكُونُ الضَّرْبُ (عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَأَقَلَّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute