للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْره وَالْأَوْلَى تَرْكُ ضَرْبِهَا إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ (وَقِيلَ) يَضْرِبُهَا (بِدُرَّةٍ أَوْ مِخْرَاقٍ) وَهُوَ مَنْدِيلٌ مَلْفُوفٌ (لَا بِسَوْطٍ وَلَا بِخَشَبٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّأْدِيبُ وَزَجْرُهَا فَيَبْدَأُ فِيهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَل (فَإِنْ تَلِفَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا.

(وَيُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (مَنْ) أَيِّ زَوْجٌ (عُلِمَ بِمَنْعِهِ حَقَّهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ وَ) حَتَّى (يُحْسِنَ عِشْرَتَهَا) لِأَنَّهُ يَكُونُ ظَالِمًا بِطَلَبِهِ حَقَّهُ مَعَ مَنْعِهِ حَقِّهَا وَيَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تُغْضِبَ زَوْجَهَا لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدِهِ عَنْ الْحُصَيْنِ بْنِ الْمِحْصَنِ «أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ذَاتَ زَوْجٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ فَقَالَ اُنْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» قَالَ فِي الْفُرُوعِ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ مُدَارَاتُهَا نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْقِدَ وَحَدَّثَ رَجُلٌ لِأَحْمَدَ مَا قِيلَ: الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءَ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ فَقَالَ أَحْمَدُ الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءَ كُلّهَا فِي التَّغَافُلِ (وَلَا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ لِمَ ضَرَبَهَا؟ وَلَا أَبُوهَا) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ الْأَشْعَثِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يَا أَشْعَثُ احْفَظْ مِنِّي شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَسْأَلَنَّ رَجُلًا فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ؟ " (وَلِأَنَّ فِيهِ إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يَضْرِبُهَا لِأَجْلِ الْفِرَاشِ فَإِنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ اسْتَحَى، وَإِنْ أَخْبَرَ بِغَيْرِهِ كَذِبَ.

(وَلَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْوَاجِبَيْنِ (نَصًّا) قَالَ عَلِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْله تَعَالَى {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: ٦] قَالَ " عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ " وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَحِم اللَّهُ عَبْدًا عَلَّقَ فِي بَيْتِهِ سَوْطًا يُؤَدِّبُ بِهِ أَهْلَهُ» ، فَإِنْ لَمْ تُصَلِّ فَقَالَ أَحْمَدُ أَخْشَى أَنْ لَا يَحِلَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقِيلَ مَعَ امْرَأَةٍ لَا تُصَلِّي وَلَا تَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَا تَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ وَلَا يُؤَدِّبُهَا فِي حَادِثٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَسِحَاقٍ.

(فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (ظُلْمَ صَاحِبِهِ أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إلَى جَانِبِ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا وَيَكْشِفُ حَالَهُمَا كَمَا يَكْشِفُ عَنْ عَدَالَةٍ وَإِفْلَاسٍ مِنْ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ وَيَلْزَمُهُمَا الْإِنْصَافُ) لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ إلَى الْإِنْصَافِ فَتَعَيَّنَ بِالْحُكْمِ كَالْحَقِّ (وَيَكُونُ الْإِسْكَانُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>