[فَصْلٌ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ]
(فَصْلٌ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ) الْمَشْفُوعَ (بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى حَاكِمٍ حَكَمَ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ) وَقْتَ لُزُومِهِ (قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً) لِحَدِيثِ جَابِرٍ «فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ» رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُ فِي الْمُتَرْجِمِ،؛ وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الشِّقْصَ بِالْبَيْعِ، فَكَانَ مُسْتَحِقًّا لَهُ بِالثَّمَنِ كَالْمُشْتَرِي لَا يُقَالُ: الشَّفِيعُ اسْتَحَقَّ أَخْذَ الشِّقْصِ بِغَيْرِ رِضَا مَالِكِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ كَالْمُضْطَرِّ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُضْطَرَّ اسْتَحَقَّهُ بِسَبَبِ حَاجَتِهِ، فَكَانَ الْمَرْجِعُ فِي بَدَلِهِ إلَى قِيمَتِهِ، وَالشَّفِيعُ اسْتَحَقَّهُ بِالْبَيْعِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِالْعِوَضِ الثَّابِتِ لَهُ (إنْ قَدَرَ) الشَّفِيعُ (عَلَيْهِ) أَيْ: الثَّمَنِ.
(وَإِنْ طَلَبَ) الشَّفِيعُ (الْإِمْهَالَ) لِتَحْصِيلِ الثَّمَنِ (أُمْهِلَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ) أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا حَدُّ جَمْعِ الْقِلَّةِ (فَإِذَا مَضَتْ) الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ (وَلَمْ يُحْضِرْهُ) أَيْ: يُحْضِرْ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ (فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إلَى الثَّمَنِ فَمَلَكَ الْفَسْخَ، كَبَائِعٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ (مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لَا يَقِفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، فَلَا يَقِفُ فَسْخُ الْأَخْذِ بِهَا عَلَيْهِ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَحَيْثُ تَقَرَّرَ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (فَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (مِثْلِيًّا فَ) إنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ (بِمِثْلِهِ) أَيْ: الثَّمَنَ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا (فَ) إنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ: الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ فِي الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ (وَقْتَ لُزُومِهِ) أَيْ: الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ اسْتِحْقَاقِ الْأَخْذِ.
(وَإِنْ دَفَعَ) الْمُشْتَرِي لِبَائِعٍ (مَكِيلًا) كَبُرٍّ وَزَيْتٍ (بِوَزْنٍ أَخَذَ) مِنْ الشَّفِيعِ (مِثْلَهُ كَيْلَهُ كَقَرْضٍ) أَيْ: كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ مَكِيلًا بِوَزْنٍ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ مِثْلَ كَيْلِهِ اعْتِبَارًا بِمِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ، وَكَذَا عَكْسُهُ.
(وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ) عَنْ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ (عَرْضًا مُتَقَوِّمًا مَوْجُودًا قُوِّمَ وَأَعْطَى) الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِي (قِيمَتَهُ) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَ) الْعَرْضُ الْمَجْعُولُ ثَمَنًا (مَعْدُومًا وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ كَانَتْ دَعْوَى) الْمُشْتَرِي (جَهْلَهُ) أَيْ: جَهْلَ قِيمَتِهِ (كَدَعَوَا) هـ (جَهْلَ الثَّمَنِ عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ: مَقْبُولَةٌ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ حَيْثُ لَا حِيلَةَ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ: الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي (فِي قِيمَتِهِ) أَيْ: قِيمَةِ الْعَرْضِ الْمَجْعُولِ ثَمَنًا (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ: وَهُوَ مَعْدُومٌ (فَقَوْلُ مُشْتَرٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute