للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ أَنْ يَصِيحَ بِهِ فِي وَقْتِ سِبَاقِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَالْجَلَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَاللَّامِ - هُوَ الزَّجْرُ لِلْفَرَسِ، وَالصِّيَاحُ عَلَيْهِ، حَثًّا لَهُ عَلَى الْجَرْيِ.

[فَصْلٌ فِي الْمُنَاضَلَةِ مِنْ النَّضْلِ]

ِ يُقَالُ: نَاضَلَهُ نِضَالًا، وَمُنَاضَلَةً وَسُمِّيَ، الرَّمْيُ نِضَالًا: لِأَنَّ السَّهْمَ التَّامَّ يُسَمَّى نَضْلًا فَالرَّمْيُ بِهِ عَمَلٌ بِالنَّضْلِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: ١٧] وَقُرِئَ " نَنْتَصِلُ " وَالسُّنَّةُ شَهِيرَةٌ بِذَلِكَ (وَحُكْمُ الْمُنَاضَلَةِ فِي الْعِوَضِ حُكْمُ الْخَيْلِ) وَالْإِبِلِ فِيمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.

(وَتَصِحُّ بَيْنَ) شَخْصَيْنِ (اثْنَيْنِ، وَ) بَيْنَ (حِزْبَيْنِ) كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَيُشْتَرَطُ لَهَا) زِيَادَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ (شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ عَلَى مَنْ، يُحْسِنُ الرَّمْيَ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ الْحِذْقِ بِهِ، وَمَنْ، لَا حِذْقَ لَهُ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ) أَيْ الرَّمْيَ (بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَأُخْرِجَ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ مِثْلُهُ) كَالْبَيْعِ إذَا بَطَلَ فِي الْبَعْضِ بَطَلَ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ (وَلَهُمْ) أَيْ لِكُلِّ حِزْبٍ (الْفَسْخُ إنْ أَحَبُّوا) لِتَبْعِيضِ الصِّفَةِ فِي حَقِّهِمْ.

(فَإِنْ عَقَدَ النِّضَالَ جَمَاعَةٌ لِيَقْتَسِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ حِزْبَيْنِ بِرِضَاهُمْ صَحَّ) الْعَقْدُ وَ (لَا) يَصِحُّ أَنْ يَعْقِدَاهُ لِيَقْتَسِمَا (بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّهَا قَدْ تَقَعُ عَلَى الْحُذَّاقِ دُونَ غَيْرِهِمْ فِي أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ.

(وَيُجْعَلُ لِكُلِّ حِزْبٍ رَئِيسٌ فَيَخْتَارُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الرَّئِيسَيْنِ (وَاحِدًا) مِنْ النَّفَرِ (ثُمَّ يَخْتَارُ) الرَّئِيسُ الْآخَرُ آخَرَ حَتَّى يَفْرُغَا (لِيَحْصُلَ التَّعَادُلُ بَيْنَهُمَا) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّئِيسَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى اخْتِصَاصِ أَحَدِهِمَا بِالْأَحْذَقِ فَلَا يَحْصُلُ التَّسَاوِي.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الرَّئِيسَانِ (فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالْخِيَرَةِ) مِنْهُمَا (اقْتَرَعَا) لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ غَيْرُ الْقُرْعَةِ.

(وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ رَئِيسِ الْحِزْبَيْنِ وَاحِدًا) لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ أَيُّهُمَا غَلَبَ أَوْ غَلَبَ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْمُنَاضَلَةِ (وَلَا) جَعْلُ (الْخِيَرَةِ فِي تَمْيِيزِهِمَا) أَيْ الْحِزْبَيْنِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ لِمَا سَبَقَ.

(وَلَا أَنْ يَخْتَارَ جَمِيعَ حِزْبِهِ أَوَّلًا) لِأَنَّهُ تَرْجِيحٌ لَهُ بِلَا مُرَجِّحٍ وَيُفْضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>