للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَطْلُبَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ) مِنْ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا فَلَا تَسْتَوْفِيهِ بِدُونِ طَلَبِهَا (فَإِنْ طَلَّقَ) الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُولِي (وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ فُسِخَ صَحَّ) ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَائِمٌ مَقَامَ الزَّوْجِ فَمَلَكَ مَا يَمْلِكهُ (وَالْخِيَرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ) فَعَلَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، قُلْتُ تَقَدَّمَ أَنَّ إيقَاعَ الثَّلَاثِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مُحَرَّمٌ فَهُنَا أَوْلَى (وَإِنْ قَالَ) الْحَاكِمُ (فَرَّقْتُ بَيْنكُمَا فَهُوَ فَسْخٌ) لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ عَقْدٍ جَدِيدٍ.

(وَإِنْ ادَّعَى) الْمُولِي (أَنَّ الْمُدَّةَ) أَيْ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ (مَا انْقَضَتْ وَادَّعَتْ) الْمَرْأَةُ (مُضِيّهَا فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا.

(وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا فَأَنْكَرَتْهُ وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَقَوْلُهُ) كَمَا لَوْ ادَّعَى الْوَطْءَ فِي الْعُنَّةِ وَلِأَنَّهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ كَقَوْلِ الْمَرْأَةِ فِي حَيْضِهَا (مَعَ يَمِينِهِ) لِلْخَبَرِ وَكَالدَّيْنِ وَلِأَنَّ مَا تَدْعِيهِ الْمَرْأَةُ مُحْتَمَلٌ فَوَجَبَ نَفْيُهُ بِالْيَمِينِ (وَلَا يُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُولِ) عَنْ الْيَمِينِ (نَصًّا) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَد بِهِ الْمَال (وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَاخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا وَأَنْكَرَتْهُ (وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَذْرَاءُ) أَيْ بِكْرٌ (فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ عَدْلٌ بِثُيُوبَتِهَا فَقَوْلُهُ) كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا (وَإِنْ شَهِدَتْ) امْرَأَةٌ عَدْلٌ (بِبَكَارَتِهَا فَقَوْلُهَا) لِأَنَّهُ اُعْتُضِدَ بِالْبَيِّنَةِ إذْ لَوْ وَطِئَهَا لَزَالَتْ بَكَارَتُهَا (فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهَا أَحَدٌ بِزَوَالِ الْبَكَارَةِ) وَلَا بِبَقَائِهَا (فَقَوْلُهُ) كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَمَنْ قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيِّ يَجُوزُ بَذْلُهُ فَيُسْتَحْلَفُ فِيهِ كَالدُّيُونِ، وَلِعُمُومِ: «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» .

[كِتَابُ الظِّهَارُ]

(كِتَابُ الظِّهَارُ) مُشْتَقٌّ مِنْ الظَّهْرِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَشْبِيهِ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ الْأُمِّ وَإِنَّمَا خَصَّ الظَّهْرَ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، إذْ الْمَرْأَةُ مَرْكُوبَةٌ إذَا غُشِيَتْ فَقَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَيْ رُكُوبُكِ لِلنِّكَاحِ حَرَامٌ عَلَيَّ كَرُكُوبِ أُمِّي لِلنِّكَاحِ، فَأَقَامَ الظَّهْرَ مَقَامَ الْمَرْكُوبِ لِأَنَّهُ مَرْكُوبٌ، وَأَقَامَ الرُّكُوبَ مَقَامَ النِّكَاحِ لِأَنَّ النَّاكِحَ رَاكِبٌ وَيُقَالُ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُحَرَّمُ بِالظِّهَارِ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا تُبَاحُ لِغَيْرِهِ فَنَقَلَ الشَّارِعُ حُكْمَهُ إلَى تَحْرِيمِهَا وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْعَوْدِ وَأَبْقَى مَحَلَّهُ وَهُوَ الزَّوْجَةُ (وَهُوَ مُحَرَّمٌ) إجْمَاعًا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>