للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَجِبُ أَنْ يَجْمَعَ فِي الْوُقُوفِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَنْ وَقَفَ نَهَارًا) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ قَوْلِهِ «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَإِنْ دَفَعَ) مِنْ عَرَفَةَ (قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ دَمٌ إنْ لَمْ يَعُدْ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ بِتَرْكِهِ أَشْبَهَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَإِنْ عَادَ إلَيْهَا لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (وَإِنْ وَافَاهَا) أَيْ: عَرَفَةَ (لَيْلًا فَوَقَفَ بِهَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ) .

(وَإِنْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ إنْ صَلَّى صَلَاةَ آمِنٍ (صَلَّى صَلَاةَ خَائِفٍ إنْ رَجَا إدْرَاكَهُ) لِمَا فِي فَوْتِ الْحَجِّ مِنْ الضَّرَرِ الْعَظِيمِ.

(وَوَقْفَةُ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ يَوْمِهَا سَاعَةُ الْإِجَابَةِ) لِلْخَبَرِ (فَإِذَا اجْتَمَعَ فَضْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ كَانَ لَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ) قِيلَ وَلِهَذَا اشْتَهَرَ وَصْفُ الْحَجِّ بِالْأَكْبَرِ إذَا كَانَتْ الْوَقْفَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا مُوَافَقَةَ حَجَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ وَقْفَةَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْحَدِيثَيْنِ الْآتِيَيْنِ.

(قَالَ) ابْنُ الْقَيِّمِ (فِي الْهَدْي) النَّبَوِيِّ (وَأَمَّا مَا اسْتَفَاضَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ مِنْ أَنَّهَا تَعْدِلُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ حَجَّةً فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ) لَكِنْ أَخْرَجَ رَزِينٌ مَرْفُوعًا «يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ وَإِنْ وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةً فِي غَيْرِ يَوْمِ جُمُعَةٍ» ذَكَرَهُ ابْنُ جَمَاعَةٍ فِي مَنَاسِكِهِ وَالْكَازَرُونِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الْمَعْرُوفُ بِالْأَخَوَيْنِ وَالشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَحَدِيثُ «إذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْقِفَ» قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِثْلُهُ فِي مُطْلَقِ الْحَجِّ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَغْفِرَتِهِ لَهُمْ بِلَا وَاسِطَةٍ وَحَمْلُ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ يَهَبُ قَوْمًا لِقَوْمٍ ذَكَرَهُ الْكَازَرُونِيُّ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ جَمَاعَةٍ فِي مَنَاسِكِهِ عَنْ أَبِيهِ.

[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

(فَصْلٌ ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) مِنْ عَرَفَةَ (بِسَكِينَةٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ غَدَاةَ جَمَعَ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>