مِثْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى أَفَاضَ.
(وَوَقْتُ الْوُقُوفِ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ) لِحَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُزْدَلِفَةِ حِين خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ أَكَلَلْتُ رَاحِلَتِي وَأَتْعَبْت نَفْسِي وَاَللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ لَهُ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ كَافَّةِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ؛ وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ فَكَانَ وَقْتًا لِلْوُقُوفِ كَمَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَتَرْكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوُقُوفَ فِيهِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ وَقْتًا لِلْوُقُوفِ كَمَا بَعْدَ الْعِشَاءِ وَإِنَّمَا وَقَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقْتَ الْفَضِيلَةِ.
(وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ) كَأَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ (وَحَكَى إجْمَاعًا) أَنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ (مِنْ الزَّوَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ (إلَى طُلُوعِ فَجْرِ) يَوْمِ (النَّحْرِ) لِقَوْلِ جَابِرٍ «لَا يَفُوتُ الْحَجُّ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ فَقُلْتُ لَهُ أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ» (فَمَنْ حَصَلَ بِعَرَفَةَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ لَحْظَةً وَلَوْ مَارًّا بِهَا أَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا بِهَا) أَيْ: بِأَنَّهَا عَرَفَةُ.
(وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُقُوفِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا عَاقِلًا مُحْرِمًا بِالْحَجِّ (صَحَّ حَجُّهُ) وَأَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ حُرًّا بَالِغًا وَإِلَّا فَنَفْلٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقَدْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا» .
وَ (لَا) يَصِحُّ الْوُقُوفُ مِنْ (مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ) لِعَدَمِ عَقْلِهِ (إلَّا أَنْ يُفِيقُوا وَهُمْ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ) وَكَذَا لَوْ أَفَاقُوا بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْهَا وَعَادُوا فَوَقَفُوا بِهَا فِي الْوَقْتِ.
(وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ) أَيْ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ (فَاتَهُ الْحَجُّ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ جَابِرٍ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ طَاهِرًا مِنْ الْحَدَثَيْنِ) قُلْتُ وَمِنْ نَجَاسَةٍ بِبَدَنِهِ وَثَوْبِهِ كَسَائِرِ الْمَنَاسِكِ.
(وَيَصِحُّ وُقُوفُ الْحَائِضِ إجْمَاعًا وَوَقَفَتْ عَائِشَةُ) الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -) وَعَنْ أَبِيهَا وَعَنْ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ (حَائِضًا بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَتَقَدَّمَ فِي دُخُولِ مَكَّةَ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ) لِلْوُقُوفِ (سِتَارَةٌ وَلَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا نِيَّةٌ) بِخِلَافِ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ وَغَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute