الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْمَعَاصِي الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً، دُونَ الْعِبَادِ وَلَا يُسْقِطُ الْحُقُوقَ أَنْفُسُهَا فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ وَنَحْوُهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ لَا ذُنُوبٌ إنَّمَا الذَّنَبُ تَأْخِيرُهَا فَنَفْسُ التَّأْخِيرِ يَسْقُطُ بِالْحَجِّ لَا هِيَ نَفْسُهَا فَلَوْ أَخَّرَهَا بَعْدَهُ تَجَدَّدَ إثْمٌ آخَرُ، فَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ يُسْقِطُ إثْمَ الْمُخَالَفَةِ لَا الْحُقُوقِ قَالَهُ فِي الْمَوَاهِبِ.
[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]
(بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ الْفَوَاتُ) : مَصْدَرُ فَاتَهُ يَفُوتُهُ فَوَاتًا، وَفَوْتًا وَهُوَ (سَبَقٌ لَا يُدْرَكْ وَالْإِحْصَارُ) مَصْدَرُ أَحْصَرَهُ أَيْ: حَبَسَهُ فَهُوَ (الْحَبْسُ) أَيْ: الْمَنْعُ (مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، وَلَوْ لِعُذْرٍ فَاتَهُ الْحَجُّ) فِي ذَلِكَ الْعَامِ، لِانْقِضَاءِ زَمَنِ الْوُقُوفِ لِقَوْلِ جَابِرٍ «لَا يَفُوتُ الْحَجُّ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ فَقُلْتُ لَهُ: أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلِمَفْهُومِ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ عَرَفَةَ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَوَاتِ الْحَجِّ بِخُرُوجِ لَيْلَةِ جَمْعٍ.
(وَسَقَطَ عَنْهُ تَوَابِعُ الْوُقُوفِ، كَمَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَرَمْيِ جِمَارٍ) كَفَوَاتِ مَتْبُوعِهَا كَمَنْ عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ بِالْجَبْهَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيْرِهَا (وَانْقَلَبَ إحْرَامُهُ عُمْرَةً نَصًّا فَيَطُوفُ وَيَسْعَى، وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ) لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي أَيُّوبَ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ " اصْنَعْ مَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ، فَإِنْ أَدْرَكْتَ الْحَجَّ قَابِلًا فَحُجَّ، وَاهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ " رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ؛ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ فَوَاتٍ، فَمَعَ الْفَوَاتِ أَوْلَى (وَسَوَاءٌ كَانَ قَارِنًا أَوْ غَيْرَهُ) ؛ لِأَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ لَا يَلْزَمُهُ أَفْعَالُهَا وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ عُمْرَةٍ عَلَى عُمْرَةٍ إذَا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَمَحَلُّ انْقِلَابِ إحْرَامِهِ عُمْرَةً (إنْ لَمْ يَخْتَرْ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ لِيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ) مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute