للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَجَدِّدٍ، فَإِنْ اخْتَارَ ذَلِكَ فَلَهُ اسْتِدَامَةُ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْمَشَقَّةِ عَلَى نَفْسِهِ (وَلَا تُجْزِئُ) هَذِهِ الْعُمْرَةُ الَّتِي انْقَلَبَ إحْرَامُهُ إلَيْهَا (عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ) نَصًّا لِوُجُوبِهَا كَمَنْذُورَةٍ (وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَوْ) كَانَ الْحَجُّ الْفَائِتُ (نَفْلًا) لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَلْيَتَحَلَّلْ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» وَعُمُومُهُ شَامِلٌ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَكَذَا مَا سَبَقَ عَنْ عُمَرَ؛ وَلِأَنَّ الْحَجَّ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، فَيَصِيرُ كَالْمَنْذُورِ، بِخِلَافِ سَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ مَرَّةٌ» فَالْمُرَادُ بِهِ: الْوَاجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَهَذَا إنَّمَا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ لَهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، كَالْمَنْذُورِ.

وَأَمَّا الْمُحْصَرُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَى تَفْرِيطٍ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَمَحَلُّهُ: إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ: أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسَتْنِي فَإِنْ اشْتَرَطَ فَلَا قَضَاءَ (وَيَلْزَمَهُ) أَيْضًا (إنْ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَطَ أَوَّلًا) أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسَتْنِي (هَدْيُ شَاةٍ أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ) أَوْ سُبُعُ بَقَرَةٍ (مِنْ حِينَ الْفَوَاتِ سَاقُهُ) أَيْ: الْهَدْيَ (أَوَّلًا) نَصَّ عَلَيْهِ (يُؤَخِّرَهُ إلَى الْقَضَاءِ يَذْبَحَهُ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَزِمَهُ كَالْمُحْصَرِ.

(فَإِنْ كَانَ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ قَارِنًا قَضَى قَارِنًا) أَيْ: لَزِمَهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِثْلُ مَا أَهَلَّ بِهِ أَوَّلًا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ فِي صُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ النُّسُكَيْنِ لَا أَنْ يَكُونَ قَارِنًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ فِي الْإِحْرَامِ قَالَ فِي الشَّرْحِ:: وَيَلْزَمُهُ دَمَانِ، لِقِرَانِهِ وَفَوَاتِهِ.

(فَإِنْ عَدِمَ الْهَدْيَ زَمَنَ الْوُجُوبِ) وَهُوَ وَقْتُ الْفَوَاتِ (صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ: ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ) أَيْ حَجِّ الْقَضَاءِ (وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ) أَيْ: فَرَغَ مِنْ حَجَّةِ الْقَضَاءِ كَتَمَتُّعٍ لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ " أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ حَجَّ مِنْ الشَّامِ فَقَدِمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ حَسِبْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ قَالَ: فَانْطَلِقْ إلَى الْبَيْتِ فَطُفْ بِهِ سَبْعًا وَإِنْ كَانَ مَعَكَ هَدِيَّةٌ فَانْحَرْهَا ثُمَّ إذَا كَانَ قَابِلٌ فَاحْجُجْ فَإِنْ وَجَدْتَ سَعَةً فَاهْدِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعْتَ إنْ شَاءَ اللَّهُ " وَالْمَكِّيُّ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (ثُمَّ حَلَّ) .

(وَالْعَبْدُ لَا يُهْدِي وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ،؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ مَلَكَ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ (وَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ الْمَذْكُورُ بَدَلَ الْهَدْي وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا: كُلُّ دَمٍ لَزِمَهُ فِي الْإِحْرَامِ) لِفِعْلِ مَحْظُورٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا يُجْزِئهُ عَنْهُ إلَّا الصِّيَامُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِذَا صَامَ) الْعَبْدُ (فَإِنَّهُ يَصُومُ عَنْ كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>