بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ، حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْأَثْرَمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ وَلَوْ بَلَغَهُ لَمَا خَالَفَهُ.
[فَصْلٌ خِيَارِ الشَّرْطِ]
فَصْلٌ (الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَا فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ (فِي زَمَنِ الْخِيَارَيْنِ) أَيْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَ (لَا) يَصِحُّ إنْ اشْتَرَطَاهُ (بَعْدَ لُزُومِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (مُدَّةً مَعْلُومَةً) مَفْعُولٌ لِيَشْتَرِطَا (فَيَصِحُّ) الشَّرْطُ (وَيَثْبُتُ) الْخِيَارُ (فِيهَا) أَيْ الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ (وَإِنْ طَالَتْ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مُقَدَّرٌ يَعْتَمِدُ الشَّرْطَ فَيَرْجِعُ فِي تَقْدِيرِهِ إلَى شَرْطِهِ.
(فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ) بِشَرْطِ الْخِيَارِ مُدَّةً مَعْلُومَةً (لَا يَبْقَى إلَى مُضِيِّهَا، كَطَعَامٍ رَطْبٍ بِيعَ) أَيْ بَاعَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ تَشَاحَّا (وَحُفِظَ ثَمَنُهُ) إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، كَرَهْنِهِ عَلَى مُؤَجَّلٍ (وَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ الْخِيَارَ بَائِعٌ (حِيلَةً لِيَرْبَحَ فِيمَا أَقْرَضَهُ حَرُمَ نَصًّا) لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى قَرْضٍ يَجُرُّ نَفْعًا.
(وَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً لِلرِّبَا (فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقْرِضَهُ شَيْئًا) وَهُوَ يَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ بِمَا أَقْرَضَهُ لَهُ (فَاشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا) بِمَا أَرَادَ أَنْ يُقْرِضَهُ لَهُ (وَجَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ) مُدَّةً مَعْلُومَةً.
(وَلَمْ يُرِدْ الْحِيلَةَ) عَلَى الرِّبْحِ فِي الْقَرْضِ (فَقَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ جَائِزٌ فَإِذَا مَاتَ فَلَا خِيَارَ لِوَرَثَتِهِ) يَعْنِي إذَا لَمْ يُطَالِبْ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (وَقَوْلُهُ) أَيْ الْإِمَامِ: جَائِزٌ (مَحْمُولٌ عَلَى مَبِيعٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِإِتْلَافِهِ) كَنَقْدٍ، وَبُرٍّ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ) مَحْمُولٌ (عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَنْتَفِعُ بِالْمَبِيعِ مُدَّةَ الْخِيَارِ) لِكَوْنِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ مُدَّتَهُ (فَ) لَا (يَجُرُّ) قَرْضُهُ (نَفْعًا) فَلَا حِيلَةَ يَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مُحَرَّمٍ.
(وَلَا يَصِحُّ الْخِيَارُ مَجْهُولًا لَهَا مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَاهُ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مَجْهُولَةً) بِأَنْ قَالَا: مُدَّةً أَوْ زَمَنًا، أَوْ مُدَّةَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَنَحْوَهُ (أَوْ) أَجَّلَاهُ (أَجَلًا مَجْهُولًا كَقَوْلِهِ) بِعْتُك وَلَكَ الْخِيَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute