زَوْجِهَا) حَتَّى طَلَّقَهَا (يُعَاقَبُ عُقُوبَةً بَلِيغَةً) لِارْتِكَابِهِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ (وَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا) عُقُوبَةً لَهُ كَمَنْعِ الْقَاتِلِ الْمِيرَاثَ.
(وَإِذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحًا لِعُنَّةٍ أَوْ عَيْبٍ يُوجِبُ) أَيْ يَقْتَضِي (الْفَسْخَ) كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَنَحْوِهِمَا (لَمْ تَحْرُمْ) الْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا عَلَى الْمَفْسُوخِ عَلَيْهِ (عَلَى التَّأْبِيدِ) بَلْ تُبَاحُ لَهُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] (١) .
[فَصْلٌ الْمُحَرَّمَاتُ إلَى أَمَدٍ]
فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي: الْمُحَرَّمَاتُ إلَى أَمَدٍ وَهُنَّ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَيَحْرُم الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ حُرَّتَيْنِ كَانَتَا أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ حُرَّةً وَأَمَةً قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] (٢) .
(وَ) وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ أَيْضًا (بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ) بَيْن الْمَرْأَةِ وَ (خَالَتِهَا وَلَوْ رَضِيَتَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا كَعَمَّاتِ آبَائِهِمْ وَخَالَاتِهِمْ) أَيْ خَالَاتِ الْآبَاءِ وَإِنْ عَلَوْا (وَعَمَّاتِ أُمَّهَاتِهِنَّ وَخَالَاتِهِنَّ وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهُنَّ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَلَيْسَ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّه اخْتِلَافٌ إلَّا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبِدَعِ مِمَّنْ لَا تُعَدُّ مُخَالَفَتُهُ خِلَافًا، وَهُمْ الرَّافِضَةُ وَالْخَوَارِجُ لَمْ يُحَرِّمُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَقُولُوا بِالنِّسْبَةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، لَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إيقَاعُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَإِفْضَاءُ ذَلِكَ إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ فَإِنْ احْتَجُّوا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute