إلَى حِينِ الْفُرْقَةِ بِالْمَوْتِ أَوْ الْبَيْنُونَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مَعْلُومًا بِذَلِكَ فَإِنْ جَعَلَ أَجَلَهُ مُدَّةً مَجْهُولَةً كَقُدُومِ زَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ التَّأْجِيلُ لِجَهَالَتِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ الْمُطْلَقُ لِأَنَّ أَجَلَهُ الْفُرْقَةُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَقَدْ صُرِفَ هُنَا مِنْ الْعَادَةِ ذِكْرُ الْأَجَلِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَبَقِيَ مَجْهُولًا قَالَ فِي الشَّرْحِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ التَّسْمِيَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ التَّأْجِيلُ وَيَحِلُّ انْتَهَى قُلْتُ: الثَّانِي هُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبِيعِ.
[فَصْلٌ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَالٍ مَغْصُوبٍ]
(فَصْلٌ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَالٍ مَغْصُوبٍ صَحَّ النِّكَاحُ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِوَضُهُ صَحِيحًا كَانَ صَحِيحًا فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ عِوَضُهُ فَاسِدًا، كَمَا لَوْ كَانَ مَجْهُولًا وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَبْطُلُ بِجَهَالَةِ الْعِوَض فَلَا يُفْسَدُ بِتَحْرِيمِهِ كَالْخُلْعِ وَلِأَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ لَا يَزِيدُ عَلَى عَدَمِهِ، وَلَوْ عَدِمَ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَكَذَا إذَا كَانَ فَاسِدًا (وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) لِأَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ يَقْتَضِي رَدَّ عِوَضِهِ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَيَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلِأَنَّ مَا يُضْمَن بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَالْمَبِيعِ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ فَقُبِضَ الْمَبِيعُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَظَنَّهُ مَمْلُوكًا لَهُ فَخَرَجَ حُرًّا) فَلَهَا قِيمَتُهُ (أَوْ) خَرَجَ (مَغْصُوبًا فَلَهَا قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى التَّسْمِيَةِ فَكَانَ لَهَا قِيمَتُهُ وَلِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِمَا سُمِّيَ لَهَا.
وَتَسْلِيمُهُ مُمْتَنِعٌ لِكَوْنِهِ غَيْرُ قَابِلٍ لِجَعْلِهِ صَدَاقًا فَوَجَبَ الِانْتِقَالُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ وَلَا تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ لِعَدَمِ رِضَاهَا بِهِ وَإِنْ أَصْدَقَهَا مِثْلِيًّا فَخَرَجَ مَغْصُوبًا فَلَهَا مِثْلُهُ (وَإِنْ وَجَدَتْ بِهِ) أَيْ: بِمَا أَصْدَقَهَا (عَيْبًا فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَأَخْذ أَرْشِهِ أَوْ رَدِّهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا (أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَبِيعٍ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَخُيِّرَتْ فِيهِ كَمَبِيعٍ وَكَذَا عِوَضُ الْخُلْعِ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ تَعَيَّبَ أَيْضًا عِنْدَهَا خُيِّرَتْ بَيْن أَخْذِ أَرْشِهِ وَرَدِّهِ وَرَدِّ أَرْشِ عَيْبِهِ كَالْمَبِيعِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى نَحْوِ شَاةٍ فَوَجَدْتهَا مُصْرَاةٌ فَلَهَا رَدُّهَا وَتَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى قِيَاسِ الْبَيْعِ وَسَائِرِ فُرُوعِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالتَّدْلِيسِ تَثْبُتُ هُنَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُعَاوَضَةٍ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ هَذَا مَعْنَى كَلَامُهُ فِي الشَّرْح (وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَشَرَطَ فِيهِ صِفَاتٍ فَبَانَ نَاقِصًا فَبَانَ صِفَةٌ شَرَطَتْهَا) فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ إمْسَاكِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute