للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

". (هُوَ) أَيْ: الْإِحْرَامُ لُغَةً: نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي التَّحْرِيمِ يُقَالُ: أَشْتَى إذَا دَخَلَ فِي الشِّتَاءِ وَأَرْبَعَ إذَا دَخَلَ فِي الرَّبِيعِ وَشَرْعًا (نِيَّةُ النُّسُكِ) أَيْ: الدُّخُولُ فِيهِ لَا نِيَّته لِيَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ (سُمِّيَ) الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ (إحْرَامًا لِأَنَّ الْمُحْرِمَ بِإِحْرَامِهِ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ أَشْيَاءَ كَانَتْ مُبَاحَةً لَهُ) مِنْ النِّكَاحِ وَالطِّيبِ وَأَشْيَاءَ مِنْ اللِّبَاسِ وَنَحْوِهَا وَمِنْهُ فِي الصَّلَاةِ " تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ ".

(وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهِ) أَيْ: الْإِحْرَامِ (أَنْ يَغْتَسِلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ حَائِضًا وَنُفَسَاءَ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَهِيَ نُفَسَاءُ أَنْ تَغْتَسِلَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ «وَأَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تَغْتَسِلَ لِإِهْلَالِ الْحَجِّ وَهِيَ حَائِضٌ» (فَإِنْ رَجَتَا) أَيْ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ (الطُّهْرَ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمِيقَاتِ اُسْتُحِبَّ) لَهُمَا (تَأْخِيرُ) الْغُسْلِ (حَتَّى تَطْهُرَا) لِيَكُونَ أَكْمَلَ لَهُمَا.

(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَرْجُو الطُّهْرَ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمِيقَاتِ (اغْتَسَلَتَا) قَبْلَ الطُّهْرِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّ مُجَاوَزَةَ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ غَيْرُ جَائِزَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(وَيَتَيَمَّمُ عَادِمُ الْمَاءِ) لِإِحْرَامِهِ وَكَذَا الْعَاجِزُ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ كَسَائِرِ مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْغُسْلُ (وَتَقَدَّمَ) فِي بَابِ الْغُسْلِ.

(وَلَا يَضُرُّ حَدَثُهُ بَعْدَ غُسْلِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ) كَحَدَثِهِ بَعْدَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَقَبْلَ صَلَاتِهَا.

(وَ) يُسَنُّ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (أَنْ يَتَنَظَّفَ بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ حَلْقِ الْعَانَةِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ) لِقَوْلِ إبْرَاهِيمَ " كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ ثُمَّ يَلْبَسُونَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِمْ رَوَاهُ سَعِيدٌ؛ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِبَادَةٌ سُنَّ فِيهِ ذَلِكَ كَالْجُمُعَةِ وَلِأَنَّ مُدَّتَهُ تَطُولُ.

(وَ) يُسَنُّ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (أَنْ يَتَطَيَّبَ وَلَوْ امْرَأَةً فِي بَدَنِهِ سَوَاءٌ كَانَ) الطِّيبُ (مِمَّا تَبْقَى عَيْنُهُ كَالْمِسْكِ أَوْ أَثَرُهُ كَالْعُودِ وَالْبَخُورِ وَمَاءِ الْوَرْدِ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كُنْتُ أُطَيِّبَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَتْ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفَارِقِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَيُسْتَحَبُّ لَهَا) أَيْ: لِلْمَرْأَةِ إذَا أَرَادَتْ الْإِحْرَامَ (خِضَابٌ بِحِنَّاءٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تُدَلِّكَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا فِي حِنَّاءٍ» وَلِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ أَشْبَهَ الطِّيبَ.

(وَيُكْرَهُ تَطْيِيبُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>