أَبُو دَاوُد فَقَالَ الْقَاضِي مَعْنَى أَهَلَّ أَيْ: قَصَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَيَكُونُ إحْرَامُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ.
(وَ) يُكْرَهُ أَنْ يُحْرِمَ (بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ السُّنَّةِ: «أَنْ لَا يُحْرَمَ بِالْحَجِّ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَوْ الزَّمَانِيِّ (فَهُوَ مُحْرِمٌ) حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الصِّحَّةَ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَى مِيقَاتِ الْمَكَانِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ فِعْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّهُ لَا يَصِحُّ وَيَدُلُّ لِصِحَّةِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ: قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] وَكُلُّهَا مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ فَكَذَا لِلْحَجِّ وقَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] أَيْ: مُعْظَمُهُ فِي أَشْهُرٍ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ عَرَفَةَ» أَوْ أَرَادَ حَجَّ التَّمَتُّعِ وَإِنْ أَضْمَرَ الْإِحْرَامَ أَضْمَرْنَا الْفَضِيلَةَ وَالْخَصْمُ يُضْمِرُ الْجَوَازَ وَالْمُضْمَرُ لَا يَعُمُّ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
(وَلَا يَنْعَقِدُ) أَيْ: يَنْقَلِبُ (إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ) قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ وَالزَّمَانِيِّ (عُمْرَةً) خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ حَامِدٍ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَسِنْدِيٌّ: يَلْزَمُهُ الْحَجُّ إلَّا أَنْ يَفْسَخَهُ بِعُمْرَةٍ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي.
(وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ) الزَّمَانِيِّ (جَمِيعُ الْعَامِ) لِعَدَمِ الْمُخَصِّصِ لَهَا بِوَقْتٍ دُونَ آخَرَ (وَلَا يَلْزَمُ الْإِحْرَامُ بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَ) لَا يَوْمَ (عَرَفَةَ وَ) لَا (أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) كَالطَّوَافِ الْمُجَرَّدِ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا.
(وَأَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَقَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ (فَيَوْمُ النَّحْرِ مِنْهَا وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ لِأَنَّ الْعَشْرَ بِإِطْلَاقِهِ لِلْأَيَّامِ كَالْعِدَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَالْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُمَا الْعَرَبُ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً لِسَبْقِ اللَّيَالِي فَتَقُولُ: سِرْنَا عَشْرًا وَإِنَّمَا فَاتَ الْحَجُّ بِفَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَقَطْ وَالْجَمْعُ يُطْلَقُ عَلَى اثْنَيْنِ، وَعَلَى اثْنَيْنِ، وَبَعْضٍ آخَرَ كَعِدَّةِ ذَاتِ الْقُرُوءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute