زَنَى بِنِسَاءٍ أَوْ شَرِبَ أَنْوَاعًا مِنْ الْمُسْكِرِ أَوْ سَرَقَ مِنْ جَمَاعَةٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ الرَّدْعَ وَإِظْهَارُ كَذِبِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ حَدٌّ وَاحِدٌ.
[فَصْل وَتَجِب التَّوْبَةُ فَوْرًا مِنْ الْقَذْفِ وَالْغِيبَةِ وَغَيْرِهِمَا]
(فَصْل) (وَتَجِب التَّوْبَةُ) فَوْرًا (مِنْ الْقَذْفِ وَالْغِيبَةِ وَغَيْرِهِمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ وَإِنْ كَانَتْ تُكَفِّرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (وَلَا يَشْتَرِطُ لِصِحَّتِهَا) أَيْ التَّوْبَةِ (مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْقَذْفِ وَالْغِيبَةِ وَنَحْوِهِمَا (إعْلَامُهُ) أَيْ الْمَقْذُوفِ أَوْ الْمُغْتَابِ وَنَحْوِهِ.
نَقَلَ مُهَنَّا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَهُ (وَلِأَنَّ فِي إعْلَامِهِ دُخُولُ غَمٍّ عَلَيْهِ وَزِيَادَةُ إيذَاءٍ وَقَالَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ: يُحَرَّمُ) عَلَى الْقَاذِفِ وَنَحْوِهِ (إعْلَامَهُ) أَيْ الْمَقْذُوفِ أَوْ الْمُغْتَابِ وَنَحْوِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَقِيلَ) يُشْتَرَطُ إعْلَامُهُ (إنْ عِلْم بِهِ الْمَظْلُومَ وَإِلَّا دَعَا لَهُ وَاسْتَغْفَرَ وَلَمْ يُعْلِمْهُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ) الشَّيْخُ (وَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ) لِلْمَظْلُومِ (وَلَوْ سَأَلَهُ فَيُعَرِّضُ) فِي إنْكَارِهِ حَذَرًا مِنْ الْكَذِبِ (وَلَوْ مَعَ اسْتِحْلَافِهِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ) فَيَنْفَعُهُ التَّأْوِيلُ (وَمَعَ عَدَمِ التَّوْبَةِ وَالْإِحْسَانِ تَعْرِيضُهُ) فِي الْإِنْكَارِ كَذِبٌ وَيَمِينُهُ غَمُوسٌ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ فَلَا يَنْفَعُهُ تَعْرِيضُهُ.
(قَالَ: وَاخْتَارَ أَصْحَابُنَا لَا يُعْلِمُهُ بَلْ يَدْعُو لَهُ فِي مُقَابِلَةِ مَظْلِمَتِهِ وَقَالَ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَتَمْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً - الْحَدِيثَ» (وَقَالَ) الشَّيْخُ (أَيْضًا زِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ كَالْغِيبَةِ) وَذَكَرَ فِي الْغُنْيَةِ إنْ تَأَذَّى بِمَعْرِفَتِهِ كَزِنَاهُ بِجَارِيَتِهِ وَأَهْلِهِ وَغِيبَتِهِ خَفِيٍّ يَعْظُمُ أَذَاهُ بِهِ فَهُنَا لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى أَنْ يَسْتَحِلَّهُ وَيَبْقَى لَهُ عَلَيْهِ مَظْلِمَةٌ فَيَجْبُرُهَا بِالْحَسَنَاتِ كَمَا تُجْبَرُ مَظْلِمَةُ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ (وَلَوْ أَعْلَمَهُ بِمَا فَعَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَحَلَّلَهُ فَهُوَ كَإِبْرَاءٍ مِنْهُ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ (وَفِي الْغُنْيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute