للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِ، وَلِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمَدِينِ لَهُ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ لِغَرِيمِهِ بِقَبْضِهِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ (أَوْ) قَالَ ضَارِبْ (بِدَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ فَاقْبِضْهُ) لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِ مَدِينٍ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ، بِخِلَافِ اقْبِضْ دَيْنِي وَضَارِبْ بِهِ فَيَصِحُّ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا (أَوْ قَالَ) رَبُّ مَالٍ (هُوَ) أَيْ هَذَا الْمَالُ (قَرْضٌ عَلَيْك شَهْرًا) أَوْ نَحْوَهُ (ثُمَّ هُوَ مُضَارَبَةٌ لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَارَ قَرْضًا مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ فَلَمْ يَصِحَّ عَقْدُ الْمُضَارَبَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ لِعَدَمِ مَلْكِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ إذَنْ فَإِنْ اشْتَرَى فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِالدَّيْنِ شَيْئًا لِلْمُضَارَبَةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَرِبْحُهُ لَهُ وَخُسْرَانُهُ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ أَخْرَجَ) إنْسَانٌ (مَالًا) تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ عَلَيْهِ (يَعْمَلُ فِيهِ هُوَ) أَيْ مَالِكُهُ (وَآخَرُ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا صَحَّ وَكَانَ مُضَارَبَةً) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ صَاحِبِ الْمَالِ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ بِعَمَلِهِ مِنْ الرِّبْحِ فِي مَالِ غَيْرِهِ وَهَذَا حَقِيقَةُ الْمُضَارَبَةِ (وَكَذَا مُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ) إذَا عَمِلَ الْمَالِكُ مَعَ الْعَامِلِ وَسَمَّى لِلْعَامِلِ جُزْءًا مَعْلُومًا فَيَصِحَّانِ كَالْمُضَارَبَةِ.

(وَإِنْ شَرَطَا فِيهِنَّ) أَيْ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ (عَمَلَ الْمَالِكِ) مَعَ الْعَامِلِ (أَوْ) عَمَلَ (غُلَامِهِ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْعَامِلِ (صَحَّ) الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ (كَ) اشْتِرَاطِ الْعَامِلِ فِيهِنَّ (بَهِيمَتَهُ) أَيْ بَهِيمَةَ الْمَالِكِ يَحْمِلُ عَلَيْهَا.

(وَلَا يَضُرُّ) أَيْ لَا يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ وَالْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ (عَمَلُ الْمَالِكِ) مَعَ الْعَامِلِ (بِلَا شَرْطٍ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ عَمَلِهِ يُفْسِدُهَا وَالْمُقَدَّمُ خِلَافُهُ.

" تَتِمَّةٌ " نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ أَعْطَى رَجُلًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمُوصِلِ فَيُوَجَّهُ إلَيْهِ بِطَعَامٍ فَيَبِيعَهُ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ وَيُوَجِّه إلَيْهِ إلَى الْمُوصِلِ قَالَ لَا بَأْسَ إذَا كَانُوا تَرَاضَوْا عَلَى الرِّبْحِ.

(وَإِنْ بَاعَ الْمُضَارِبُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ) أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ صَحَّ، وَ (ضَمِنَ كَوَكِيلٍ) وَتَقَدَّمَ (وَلَهُ) أَيْ الْمُضَارِبِ (أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَعِيبَ إذَا رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً بِخِلَافِ وَكِيلٍ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي الْمُضَارَبَةِ الرِّبْحُ وَهُوَ قَدْ يَحْصُلُ بِشِرَاءِ الْمَعِيبِ، بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّ الْغَرَضَ تَحْصِيلُ مَا وُكِّلَ فِيهِ وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ.

[فَصْلٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِهِ]

(فَصْلٌ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا وَلَا حَظَّ لِلتِّجَارَةِ فِيهِ، إذْ هِيَ مَعْقُودَةٌ لِلرِّبْحِ حَقِيقَةٌ أَوْ مَظِنَّةٌ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ هُنَا (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (صَحَّ) الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>