حَرَامًا (إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ) مَعَ خُلُوِّهَا عَنْ الْمَوَانِعِ وَبَاقِي شُرُوطِهِ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ فِي الْبَاطِنِ فَإِنْكَارُهَا لَا أَثَرَ لَهُ وَتَحِلُّ لَهُ وَيَحْصُلُ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي مَوَاضِعَ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَتَأْتِي بَقِيَّتُهَا (فَإِنْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا) بِالنِّكَاحِ بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْ الْمُدَّعِي وَأَنْكَرَتْ (وَكَانَ الْوَلِيُّ مِمَّنْ يَمْلِكُ إجْبَارَهَا) كَأَبِي الْبِكْرِ وَوَصِيُّهُ فِي النِّكَاحِ (صَحَّ إقْرَارُهُ) لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ إنْشَاءَ عَقْدٍ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْوَلِيُّ مُجْبِرًا كَالْجَدِّ وَالْعَمِّ وَالْأَخِ (فَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْر مَا لَمْ تَقِرَّ بِالْإِذْنِ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْوَلِيُّ]
(فَصْلٌ) الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: الْوَلِيُّ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ إلَّا بِوَلِيٍّ) لِمَا رَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ.
وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ وَيَحْيَى عَنْ حَدِيثِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» فَقَالَا: صَحِيحٌ وَهُوَ لِنَفْيِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِدَلِيلِ مَا رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ لَا يُقَالُ:
يُمْكِنُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ أَيْ لَا نِكَاحَ شَرْعِيٌّ أَوْ مَوْجُودٌ فِي الشَّرْعِ إلَّا بِوَلِيٍّ وَلَا يُقَالُ: لِلثَّانِي أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ مَعَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهَا لِنَفْسِهَا لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَيْهِنَّ وَلِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهَا فَصَحَّ مِنْهَا كَبَيْعِ أَمَتِهَا لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إنَّمَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا.
وَأَمَّا الْآيَةُ فَالنَّهْيُ عَنْ الْعَضْلِ عَمَّ الْأَوْلِيَاءَ وَنَهْيُهُمْ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِهِمْ إذْ الْعَضْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute