لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَقْذِفْ غَيْرَهَا، وَلِأَنَّ اللِّعَانَ أَيْمَانُ الْجَمَاعَةِ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَالْأَيْمَانِ فِي الدُّيُونِ (فَيَبْدَأُ بِلِعَانِ الَّتِي تَبْدَأُ بِالْمُطَالَبَةِ) لِتَرَجُّحِهَا بِالسَّبْقِ (فَإِنْ طَالَبْنَ جَمِيعًا) مَعًا (وَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِإِحْدَاهُنَّ بِقُرْعَةٍ) لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ غَيْرِهَا (وَإِنْ لَمْ يَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِلِعَانِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (مَعَ الْمُشَاحَّةِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ صَحَّ) اللِّعَانُ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ خَفِرَةً) بِفَتْحِ الْخَاء وَكَسْرِ الْفَاءِ وَهِيَ شَدِيدَةٌ الْحَيَاءِ ضِدَّ الْبَرْزَةِ (بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنهمَا نَائِبًا عَنْهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُ عُدُولًا لِيُلَاعِنُوا بَيْنهمَا، وَإِنْ بَعَثَهُ) أَيْ النَّائِبَ (وَحْدَهُ جَازَ) لِأَنَّ الْجَمْعَ غَيْرُ وَاجِبٍ كَمَا يَبْعَثُ مَنْ يَسْتَحْلِفُهَا فِي الْحُقُوقِ، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِبَعْثِ مَنْ يَثِقُ الْحَاكِمُ بِهِ، فَلَا ضَرُورَةَ إلَى إحْضَارِهَا وَتَرْك عَادَتِهَا مَعَ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِهِ.
[فَصْل وَلَا يَصِحُّ اللِّعَانُ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ الْأَوَّل أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ]
فَصْل وَلَا يَصِحُّ اللِّعَانُ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ (بَيْنَ زَوْجَيْنِ) وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] ثُمَّ خَصَّ الْأَزْوَاجَ مِنْ عُمُومِهَا بِقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ (وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ إذَا لَاعَنَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (نِصْفُ الصَّدَاقِ) الْمُسَمَّى لَهَا قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ هُنَا كَطَلَاقِهِ، لِأَنَّ سَبَبَ اللِّعَانِ قَذْفُهُ الصَّادِرُ مِنْهُ أَشْبَهَ الْخُلْعَ وَقِيلَ يَسْقُطُ مَهْرُهَا، لِأَنَّ الْفَسْخَ عَقِبَ لِعَانِهَا فَهُوَ كَفَسْخِهَا لِعَيْبِهِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرِّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَالْمُنْتَهَى فِي الصَّدَاقِ (عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ) لِأَنَّهُ لَهُمَا يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ، وَلَا مِنْ غَيْرِ بَالِغٍ، إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا (سَوَاءٌ كَانَا) أَيْ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، حُرَّيْنِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute