يُعْتِقهَا (لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهَا) كَمَا لَوْ وُهِبَ لَهُ ثَمَنَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَاءِ التَّيَمُّمِ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَة.
(وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا وَأَمْكَنَهُ شِرَاؤُهَا) أَيْ شِرَاءُ رَقَبَةٍ يُعْتِقهَا (بِ) ثَمَنٍ نَسِيئَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ (أَوْ كَانَ مَالُهُ دَيْنًا مَرْجُوُّ الْوَفَاءِ) وَأَمْكَنَهُ شِرَاءُ الرَّقَبَةِ نَسِيئَةً (لَزِمَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهَا بِمَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ (فَإِنْ لَمْ تُبَعْ بِالنَّسِيئَةِ جَازَ الصَّوْمُ وَلَوْ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ) لِلْحَاجَةِ وَكَالْعَادِمِ.
وَفِي الشَّرْحِ إذَا كَانَ يَرْجُو الْحُضُورَ قَرِيبًا لَمْ يَجُزْ الِانْتِقَالِ إلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِانْتِظَارِ لِشِرَاءِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا جَازَ الِانْتِقَالُ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي الِانْتِظَارِ، وَهَلْ يَجُوزُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْأَصْلِ فِي مَالِهِ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَسِيسُ، فَجَازَ لَهُ الِانْتِفَالُ لِلْحَاجَةِ.
[فَصْل وَلَا يُجْزِي فِي جَمِيع الْكَفَّارَاتِ إلَّا عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ]
(فَصْل وَلَا يُجْزِي فِي جَمِيع الْكَفَّارَاتِ وَفِي نَذْرِ الْعِتْقِ الْمُطْلَقِ إلَّا عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِر إجْمَاعًا فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] وَمَا عَدَا كَفَّارَةَ الْقَتْلِ، فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ (سَلِيمَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَمْلِيكُ الرَّقَبَةِ مَنَافِعِهَا وَتَمْكِينُهَا مِنْ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهَا وَلَا يَحْصُلُ هَذَا مَعَ مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا (كَالْعَمَى) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ فِي أَكْثَرِ الصَّنَائِعِ.
(وَ) كَ (قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ) قَطْعِ (الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أَشَلَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْيَدَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الْيَدَ آلَةَ الْبَطْشِ وَالرِّجْلَ آلَةُ الْمَشْيِ.
فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَمَلِ مَعَ تَلَفِ إحْدَاهُمَا أَوْ شَلَلِهَا (أَوْ قَطْعِ إبْهَامِ الْيَدِ أَوْ قَطْعِ أُنْمُلَةٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إبْهَامِ الْيَدِ (أَوْ) قَطْع (أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ كَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى (كَقَطْعِ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ ذَلِكَ الْإِصْبَعِ الَّذِي قُطِعَ أُنْمُلَتَاهُ (أَوْ قُطِعَ سَبَّابَتُهَا أَوْ الْوُسْطَى) مِنْ يَدٍ (أَوْ قُطِعَ الْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ نَفْعَ الْيَدِ يَزُولُ بِذَلِكَ (وَقَطْعُ أُنْمُلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute