للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ كَانَ الْمُجَازُ مَبْلَغًا مَعْلُومًا) كَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ بُرٍّ تَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْصَى بِهَا وَأَجَازَهَا الْوَارِثُ ثُمَّ قَالَ ظَنَنْتُ الْبَاقِيَ كَثِيرًا فَبَانَ قَلِيلًا أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ أَعْلَمْهُ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) وَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ لِأَنَّ الْمُجَازَ مَعْلُومٌ لَا جَهَالَةَ فِيهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَإِنْ قَالَ ظَنَنْتُ قِيمَتَهُ أَلْفًا فَبَانَ أَكْثَرَ قُبِلَ وَلَيْسَ نَقْضًا لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَقَالَ وَإِنْ أَجَازَ وَقَالَ أَرَدْتُ أَنَّ أَصْلَ الْوَصِيَّة قُبِلَ (وَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِالْمَالِ أَشْبَهَتْ الْهِبَةَ (إلَّا الْمُفْلِسِ وَالسَّفِيهِ) فَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ مِنْهُمَا لِأَنَّهَا تَنْفِيذٌ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ.

[فَصْلٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا بِقَبُولِهِ]

فَصْلٌ (وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ) فِي الْوَصِيَّةِ (لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا بِقَبُولِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ إنْ كَانَ) الْمُوصَى لَهُ.

(وَاحِدًا) كَزَيْدٍ (أَوْ جَمْعًا مَحْصُورًا) كَأَوْلَادِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ فَاعْتُبِرَ قَبُولُهُ كَالْهِبَةِ قَالَ أَحْمَدُ: الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَاحِدَةٌ (فَوْرًا أَوْ تَرَاخِيًا) أَيْ: يَجُوزُ الْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي (وَلَا عِبْرَةَ بِقَبُولِهِ) الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الْمَوْتِ.

(وَ) لَا عِبْرَةَ بِ (رَدِّهِ) الْوَصِيَّةَ (قَبْلَ الْمَوْتِ) لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ (وَيَحْصُلُ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ) كَقَبِلْتُ (وَبِمَا قَامَ مَقَامَهُ مِنْ الْأَخْذِ وَالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَا) كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ (وَيَحْصُلُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (رَدَدْتُ الْوَصِيَّةَ أَوْ مَا أَقْبَلُهَا أَوْ مَا أَدَّى هَذَا الْمَعْنَى) نَحْوُ أَبْطَلْتُهَا.

(وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِالْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ) وَلَوْ كَانَ مَكِيلًا وَنَحْوَهُ، لِأَنَّ الْمِلْكَ اسْتَقَرَّ فِيهِ بِالْقَبُولِ فَلَا يُخْشَى انْفِسَاخُهُ وَلَا رُجُوعَ بِبَدَلِهِ عَلَى أَحَدٍ كَالْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ يُخْشَى انْفِسَاخُ الْبَيْعِ فِيهِ.

(وَإِنْ كَانُوا) أَيْ: الْمُوصَى لَهُمْ (غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَالْفُقَهَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمَنْ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ كَبَنِي تَمِيمٍ أَوْ عَلَى مَصْلَحَةٍ كَمَسْجِدٍ وَحَجٍّ) لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ.

(وَلَزِمَتْ) الْوَصِيَّةُ (بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ) لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْقَبُولِ مِنْهُمْ مُتَعَذَّرٌ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ كَالْوَقْفِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَيُكْتَفَى بِهِ (وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ ذُو رَحِمٍ مِنْ الْمُوصَى بِهِ مِثْلُ أَنْ يُوصِيَ بِعَبْدٍ لِلْفُقَرَاءِ وَأَبُوهُ) أَيْ: الْعَبْدُ (فَقِيرٌ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَثْبُتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ إلَّا بِالْقَبْضِ.

(وَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي) بَطَلَتْ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ صَادَفَتْ الْمُعْطَى مَيِّتًا فَلَمْ تَصِحَّ كَمَا لَوْ وَهَبَ مَيِّتًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَلَا تَبْطُلُ كَمَا يَأْتِي (أَوْ رَدَّ) الْمُوصَى لَهُ (الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمُوصِي (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي حَالٍ يَمْلِكُ قَبُولَهُ وَأَخْذَهُ أَشْبَهَ عَفْوَ الشَّفِيعِ عَنْ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ.

(وَإِنْ رَدَّهَا) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمُوصِي (وَبَعْدَ قَبُولِهِ) لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>