للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ إنْ قَالَ الْمُدَّعِي مَالِي بَيِّنَةٌ فَقَوْلُ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ]

فَصْلٌ (وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: مَالِي بَيِّنَةٌ فَقَوْلُ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ) لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (إلَّا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَوْ ادَّعَى هُوَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَحَدٍ فَقَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ لِعِصْمَتِهِ» قُلْتُ: وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ لِتَعْلِيلِهِمْ بِالْعِصْمَةِ وَالْكُلُّ مَعْصُومُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا (فَيُعْلِمُ) الْحَاكِم (الْمُدَّعِي) الَّذِي لَا بَيِّنَة لَهُ (أَنَّ لَهُ الْيَمِين عَلَى خَصْمه) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ (فَإِنْ سَأَلَ إحْلَافَهُ أَحْلَفَهُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ طَرِيقٌ إلَى تَخْلِيصِ حَقِّهِ فَلَزِمَ الْحَاكِمَ إجَابَةُ الْمُدَّعِي إلَيْهَا لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ (وَخَلَّى سَبِيلَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ إحْلَافِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ حَقٌّ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي (اسْتِحْلَافُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَبْلَ سُؤَالِ الْمُدَّعِي) لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقٌّ لَهُ كَنَفْسِ الْحَقِّ وَيَمِينُ الْمُنْكِرِ عَلَى الْمُقَرَّرِ (فَإِنْ أَحْلَفَهُ) الْقَاضِي قَبْلَ سُؤَالِ الْمُدَّعَى لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ (أَوْ حَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَبْلَ سُؤَالِ الْمُدَّعِي) تَحْلِيفُهُ وَسُؤَالُ الْحَاكِمِ لَهُ (لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا (فَإِنْ سَأَلَهُ الْمُدَّعِي أَعَادَهَا لَهُ) لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ يَمِينَهُ (وَلَا بُدَّ فِي الْيَمِينِ) الَّتِي تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ (مِنْ سُؤَالِ الْمُدَّعِي) لَهَا (طَوْعًا) لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَا اعْتِدَادَ بِهِ (وَ) مَنْ (أَذِنَ الْحَاكِمُ فِيهَا) فَلَوْ حَلَفَ قَبْلَ إلْقَاءِ الْحَاكِمِ الْحَلِفُ عَلَيْهِ لَمْ تَنْقَطِعْ الْخُصُومَةُ وَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمُقَدَّمٌ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (مَعَ الْكَرَاهَةِ تَحْلِيفُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى حَقِّهِ نَصًّا) أَمَّا كَوْنُهُ لَهُ ذَلِكَ فَلِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حَقِّهِ وَأَمَّا كَوْنُهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَلِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَفِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى وَلَوْ عَلِمَ عَدَمَ قُدْرَتِهِ عَلَى حَقِّهِ وَيُكْرَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَمَّا فِي كَوْنِهِ يُكْرَهُ لَهُ إحْلَافُهُ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَضْطَرُّهُ إلَى الْيَمِينِ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْحَبْسِ إذَا أَقَرَّ لِعُسْرَتِهِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ.

(وَيَحْرُمُ تَحْلِيفُ الْبَرِيءِ) مِمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهُ (دُونَ الظَّالِمِ) فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيفُهُ إيَّاهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) تَحْرُمُ (دَعْوَاهُ ثَانِيًا وَتَحْلِيفُهُ) ثَانِيًا كَالْبَرِيءِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ كَمَا فِي الْإِنْصَافِ.

وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ لَهُ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ مَنْ جَهِلَ حَلِفَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ لِبَقَاءِ الْحَقِّ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ بَيِّنَةً (وَتَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ لِخَصْمِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْجَوَابِ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ لَا عَلَى صِفَةِ الدَّعْوَى (وَلَا يَصِلُهَا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>